أقول: استثناء بعض المعاني الثلاثة عن محل النزاع من تصرفات متأخري الأشاعرة فرارا منهم عن صريح الافحام، وقد أنطق الله تعالى الناصب بذلك فيما سيجئ من المطلب العاشر حيث قال: إن الأشاعرة لم يقولوا بالحسن العقلي أصلا، وناهيك في ذلك أن كلام ابن الحاجب في مختصره خال عن ذلك، وإنما ذكره العضد الإيجي في شرحه له وفي كتاب المواقف (1)، وناقض نفسه أيضا فيه كما سنبينه، وتوضيح ذلك أن هيهنا أمرين بل أصلين، أحدهما هل الفعل نفسه مشتمل على صفة اقتضت حسنه أو قبحه بحيث ينشأ الحسن والقبح منه فيكون منشأ لهما أم لا؟ والثاني أن الثواب المترتب على حسن الفعل والعقاب المترتب على قبحه ثابت بل واقع بالعقل أم لا يقع إلا بالشرع؟
فذهب الإمامية وسائر أهل العدل إلى إثبات الأمرين وتلازمهما، والأشاعرة إلى نفيهما رأسا، وجعلوا الأفعال كلها سواء في نفس الأمر وأنها غير منقسمة في ذواتها إلى حسن وقبيح، ولا يتميز القبيح بصفة اقتضت قبحه أن يكون (2)
____________________
(1) وكثيرا ما يفعل ذلك صاحب المواقف حيلة للتخلص عن الشناعة، وقد فعل مثل ذلك في المواقف في مسألة تكليف ما لا يطاق حيث جعل محل النزاع الممتنع بالغير دون الممتنع لذاته، والتزم بذلك أن يكون أكثر أدلة أصحابه في هذا المقام نصبا للدليل على غير محل النزاع مع أن كلام العلامة الشيرازي في شرح المختصر، بل كلام نفسه في ذلك المقام مناقض لما ذكروه في مقام التحرير كما سنوضحه إن شاء الله تعالى. منه " قده ".
(2) بحذف الجار قبل أن، أي بأن يكون، فالجملة تفسيرية:
(2) بحذف الجار قبل أن، أي بأن يكون، فالجملة تفسيرية: