وأما قوله: وله الشركاء في الخلق فتكرار بارد قد مر ما فيه، ثم ما ذكره في الفصل الثاني من تقرير عقائد الأشاعرة بقوله: إنه تعالى حاكم قادر مختار، يكلف الناس ما شاء، لأنه يتصرف في ملكه فهو تكرار لما ذكره في الفصل الأول مع أدنى تغيير في اللفظ، وإنما ارتكب ذلك لخلو كيس مذهبه عن النقد الذي يروج على الناقد البصير.
وأما قوله: ولا يمتنع عليه أن يكلف فوق الطاقة، فالظاهر أنه لو سمعه المشرك المستجير لأصر في الانكار، وأخذ طريق الفرار، ولم يعتمد بعد ذلك على ضمان الأشاعرة له بعدم الوقوع، فلا يسمن ولا يغني من جوع (1) وأما ما ذكره في تقرير مذهب الإمامية، من أنهم قالوا: يجب عليه أن يكلف الناس حسب طاقتهم فمن البين أنه أقوى في رغبة المكلفين من القول: بتكليفهم فوق طاقتهم كما عرفت، وأما ما ذكره من أنهم يقولون: ليس له التصرف فيهم فكذب صريح، لأنهم يقولون: بأن خلقهم وإقدارهم وتمكينهم وحياتهم ومماتهم وإبقاءهم و إفناءهم ونحو ذلك كله من الله تعالى فكيف تصح نسبة نفي تصرفه تعالى في عباده إليهم؟ نعم إنهم ينفون تصرفه تعالى في القبائح والفواحش الصادرة من العباد، و هذا تنزيه لائق بكماله سبحانه وتعالى، وقد أضاف الله تعالى ورسوله والسلف مثل ذلك إلى إبليس وأعوانه (إغوائه خ ل) وقد روي عن أبي بكر (2) أنه قال في مسألة
____________________
(1) قد مر أنه اقتباس من القرآن.
(2) فراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (الجزء 4 ص 183 ط مصر) قال: ما محصله: إن أبا بكر لم يكن يعرف الفقه وأحكام الشريعة فقد قال في الكلالة: أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وأن يكن خطأ فمني. ورواه الطبري في تفسيره (ج 4 ص 177) عن الشعبي قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: إني قد رأيت في الكلالة رأيا فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له وأن يكن خطأ فمني والشيطان، والله منه برئ: إن الكلالة ما خلا الولد والوالد، فلما استخلف عمر رضي الله عنه، قال: إني لأستحيي من الله تبارك وتعالى أن أخالف أبا بكر في رأي رآه. ورواه البيهقي في سننه (ج 6 ص 223 ط حيدر آباد).
(2) فراجع شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد (الجزء 4 ص 183 ط مصر) قال: ما محصله: إن أبا بكر لم يكن يعرف الفقه وأحكام الشريعة فقد قال في الكلالة: أقول فيها برأيي فإن يكن صوابا فمن الله وأن يكن خطأ فمني. ورواه الطبري في تفسيره (ج 4 ص 177) عن الشعبي قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: إني قد رأيت في الكلالة رأيا فإن كان صوابا فمن الله وحده لا شريك له وأن يكن خطأ فمني والشيطان، والله منه برئ: إن الكلالة ما خلا الولد والوالد، فلما استخلف عمر رضي الله عنه، قال: إني لأستحيي من الله تبارك وتعالى أن أخالف أبا بكر في رأي رآه. ورواه البيهقي في سننه (ج 6 ص 223 ط حيدر آباد).