الحكم بأن الطفل لا يعرف شيئا من العلوم العقلية كما توهمه ثانيا، على أنه لو تم ما أورده على عبارة المصنف لكان أظهر ورودا على عبارة حاشية المطالع لسيد المحققين (1) قدس سره الشريف الذي كان تلميذ تلميذه، وممن لا ينكر أحد كونه من علماء المعقولات سيما الجارح الذي استمد في جرحه هذا عن شرحه قدس سره على المواقف، فقد قال قدس سره الشريف، عند تحقيق قول شارح المطالع: و يمكن حمل قرائن الخطبة على مراتبها (الخ) إن خلو النفس في مبدء الفطرة عن العلوم كلها ظاهر وإن نوقش فيه بأنها لا تغفل عن ذاتها أصلا، وإن كانت في ابتداء طفوليتها " إنتهى "، فإن مقتضى كلمة إن الوصلية، أن يكون ابتداء الطفولية أسبق الأحوال ولا أسبق من مبدء الفطرة فيكون في كلامه أيضا إشعال بل تصريح باتحادهما تأمل (2)، وأما ثامنا فلأن الحكم بخلو النفس في مبدء الفطرة عن العلوم وإيراد الاعتراض عليه بمثل ما ذكره الناصب والجواب عنه مذكور في كتب القوم فلا وجه لذكر الاعتراض من غير ذكر جوابه، وذلك لأن عمر (3) الكاتب القزويني من أهل نحلة الناصب قال في بحر الفوائد في شرح عين القواعد: ووجه الحاجة إلى المنطق أن الإنسان في مبدء الفطرة ليس له شئ من العلوم " الخ " و اعترض عليه بأن المراد من مبدء الفطرة إما أول حال تعلقت فيها النفس (4) بالبدن أو حالة الولادة وأياما كان، فإن الإنسان في تلك الحالة عالم بخصوصية ذاته و
____________________
(1) المراد منه الشريف الجرجاني.
(2) فعل أمر تدقيقي أو تمريضي إشارة إلى أن الظاهر من عبارة المصنف كون ابتداء الطفولية أسبق الأحوال في النشأة الدنيوية بعد الولادة فالأسبقية نسبية، وعليه فلا مساغ لاعتراض الناصب أصلا.
(3) قد مرت ترجمة أحواله.
(4) ويعبر عنها بالحياة الأولية والحياة البدوية.