كان خاليا عن الحكمتين: البحثية والذوقية، لا يعرف يرتب حدا ولا يقيم برهانا، بل هو شيخ مسكين متحير في مذاهبه
الجاهلية التي يخبط فيه خبط عشواء (1) " إنتهى " وإني كنت أظن أولا أن الحكيم المذكور ربما يتعصب في إظهار نقص الشيخ الأشعري لعداوة دينية ونحوها، حتى رأيت في رسالة عملها السيد معين الدين الإيجي (2) الشافعي الأشعري صاحب التفسير المشهور، في مسألة الكلام ما يؤيد كلام الحكيم المذكور ويصدقه حيث قال: وليت شعري ما للأشعري لم يجعل مطلب الكلام كالاستواء والنزول والعين واليد والقدم وغير ذلك، فإنه ذهب إلى أن كلا من ذلك، الايمان به واجب والكيفية مجهولة والسؤال عنه بدعة فلا أدري لم فرعن حقيقة الكلام إلى المجاز البعيد، ثم قال: واعلم أنه رضي الله عنه قدير عوي (3) إلى عقيدة جديدة بمجرد اقتباس قياس لا أساس له، مع أنه مناف لصرائح
القرآن وصحاح الأحاديث مثل أن أفعال الله تعالى غير معللة بغرض، ودليله كما صرح به في كتبه: أنه يلزم تأثر الرب عن شعوره بخلقه وأنت تعلم أنه لا يشك ذو فكرة (4) أن علمه تعالى بالممكنات والغايات المرتبة عليه صفة ذاتية وفعله متوقف عليه، فأين التأثر؟ نعم صفة فعلية موقوفة على صفة ذاتية، وكم من الصفات
____________________
(1) مثل مشهور عند العرب لمن غفل وخبط خبطا عظيما في شئ، والعشواء: هي الناقة التي لا تبصر أمامها فهي تخبط بيديها كل شئ ويقال: مركب عشواء إذا خبط أمره على غير بصيرة كما في الصراح وكتب الأمثال.
(2) قد مرت ترجمته.
(3) أي يميل عن عقيدة مقررة عتيقة إلى عقيدة جديدة مخترعة من عنده.
(4) وفي نسخة أخرى: ذو مرة، والمرة بكسر الميم وفتح الراء المهملة: قوة الخلق و إصابة العقل، والخلط الصفراوي في البدن، والمعنى الأخير غير مناسب للمقام.