قال المصنف رفع الله درجته وقالت الإمامية: قد أراد الله تعالى من الطاعات ما أراده أنبياؤه، وكره من المعاصي ما كرهوه، وأراد ما كره الشياطين من الطاعات، وكره ما أرادوه من الفواحش، وقالت الأشاعرة: بل قد أراد الله ما أرادته الشياطين من الفواحش، و كره ما كرهوه من كثير من الطاعات، ولم ما أرادته الأنبياء من كثير من الطاعات، بل كره ما أردته منها " إنتهى " قال الناصب خفضه الله أقول: هذا يرجع إلى معنى الإرادة التي ذكرناها في الفصل السابق، وهذا الرجل لم يفرق بي الإرادة والرضا وجل تشنيعاته ناش من عدم هذا الفرق، وأما قوله: كره الله ما كره الشياطين من الطاعات فهذا افتراء على الأشاعرة " إنتهى ".
أقول: قد مر أن معنى الإرادة التي ذكره لا معنى له ولا جدوى له في دفع الاشكال والالزام، وأن الفرق بين الإرادة والرضا ليس بمرضي، فتشنيع المصنف قدس سره على الأشاعرة (1) واقع في موقعه، وأما ما ذكره: من أن القول: بأن الله تعالى يكره ما كره الشياطين افتراء على الأشاعرة، فليس كما زعمه، لأنهم وإن لم يقولوا بذلك صريحا لكن يلزمهم القول به من قوله: بعدم وجوب شئ على الله تعالى لزوما لا سترة فيه، وأيضا قد سبق في الفصل السابق من الناصب في تقرير كلام المصنف: أن الله تعالى يريد كفر الكافر على مذهب الأشاعرة والنبي
____________________
(1) يعني أن الأشاعرة لا يثبتون الكراهة له تعالى بالنسبة إلى شئ وإنما يثبتون الكراهة لما لا يكون. منه " قده ".