به من القبائح والفواحش، وهذا أيضا عين التنزيه والتقديس كما لا يخفى، وأما ما ذكره في الفصل الثالث من تقرير عقائد أهل السنة بقوله: كل ما جرى في العالم تقديره وإرادته " الخ " ففيه خلط ظاهر لأنهم إنما ينفون إرادة الله تعالى للقبائح كما مر لا لسائر ما في العالم، ثم إنهم إنما ينفون التقدير بالمعنى الشامل لخلق أفعال العباد، لا بمعنى خلق أفعاله تعالى المخصوصة به المتفرد في إيجادها ولا بمعنى الايجاب والاعلام كما مر بيانه عن قريب.
وأما ما ذكره من أن الخير والطاعة برضاه وحبه، والشر والمعصية بغير رضاه فمتحد مع مقالة الإمامية، وإنما الفرق في أن الإمامية ينفون إرادة الله تعالى للشرور والمعاصي، والأشاعرة لا ينفونه، ويفرقون بين الإرادة والرضا كما مر مع بيان بطلانه.
وأما ما ذكره من أن الإمامية يقولون: إنه تعالى مغلول اليد فيجب عليه أن يحب الخير، ففيه أن مغلول اليد لا يحب الخير، فكيف تقول الإمامية: إنه تعالى مغلول اليد؟ ثم يفرعون عليه وجوب حب الخير، وأما قوله: ولا يخلق الشر " الخ " فتكرار لما مر منه عجزا واضطرارا.
وأما ما ذكره في الفصل الرابع من تقرير مذهب أهل السنة بقوله: وهل الأولى أن يقال: إنه تعالى لا تشبهه الأشياء ولكن له صفات تأخذ معرفتها أنت من صفات نفسك " الخ " ففيه أن القول بأنه تعالى لا تشبهه الأشياء مشترك بين أهل الاسلام.
وأما ما ذكره من معرفته تعالى بصفاته بالقياس إلى معرفة أنفسنا من صفاتها، ففيه أن معرفة الذات في الواجب تعالى والممكن لا تحصل من نفس الصفات، بل من نتائجها وثمراتها، وقد قالت الإمامية وسائر أهل التوحيد والعدل: بحصول تلك النتائج والثمرات من نفس الذات، فأمكن معرفة الذات من غير القول بما يؤدي إلى الشرك من قيام الصفات القديمة ومغايرتها للذات، وبهذا ظهر أن ما نسبه بعد