الإمامية خ ل) الإمامية ومن تابعهم من المعتزلة إلى أن من الأفعال ما هو معلوم إرشادية محضة خلافا لهم، فإنهم يرونها مولوية محضة.
(إزالة وهم) إن لأصحابنا في المصلحة والمفسدة اللتين هما ملاكا الأحكام عبائر المختلفة، فمنهم من قال: إن الملاك المصلحة والمفسدة الذاتيتان، ومنهم من قال: إن الملاك المصلحة والمفسدة الحاصلتان بالوجوه والاعتبار، ومنهم من نفى صريحا كونهما ذاتيتين، وأنت خبير بأن المراد واحد، فمن قال إنهما ذاتيتان عبر بذلك في قبال الأشاعرة أي ليستا بمتوقفتين على الأمر والنهي، ومن نفى ذلك عبر بذلك في قبال بعض المعتزلة القائل بوجودهما قبل طرو العناوين الثانوية، ومن عبر بكونهما بالوجوه والاعتبار رام بذلك أنهما ليستا بكامنتين في ذات المعنون أي الحركات والسكنات من حيث هي. هذا كله في المصلحة والمفسدة، وأما الحسن والقبح فمن قائل: إنهما ذاتيان، ويظهر من مطاوي كلامه أن مراده المعنى المساوق للمصلحة والمفسدة الذاتيتين، ومن قائل: إنهما بالعرض، ومراده حصولهما بعد تعلق الأمر والنهي كما يفصح عن ذلك كلام بعض الأشاعرة، ومن ثالث جعلهما منوطين بعلم المكلف وعدمه بالمصلحة والمفسدة، ومن رابع جعلهما بالوجوه والاعتبار. وأنت لو دققت النظر في هذا المحتملات التي ذكرت في ملاكات الأحكام ومسألة الحسن والقبح لرأيت أن الحق في باب الملاك ما أسبقناه من توقفه على عروض العنوان الثانوي كالتأديب في مثال ضرب اليتيم لا أنه موجود في ذات المعنون ولا فيه معنونا بالعنوان الأولي ولا فيه بعد تعلق الأمر والنهي.
والمحرى بالقبول في مسألة الحسن والقبح أنهما ثابتان في الأفعال مدركان بالعقل السليم والذوق والمستقيم، وليس الأمر كما يدعيه الأشعري من عزل العقل وعقاله عن إدراكهما فلاحظ وتأمل وإنما أطنبنا الكلام لتتضح موارد الخلاف بين أصحابنا وبين مخالفيهم من الأشاعرة والمعتزلة في مسئلتي الحسن والقبح وملاكات الأحكام لئلا يغتر الجامد بظواهر كلماتهم وليتبين لديه مواضع الخلاف حتى يحكم فيها وجدانه، فإنه نعم الحكم المودع من قبله سبحانه في عباده، وفقنا الله تعالى للوقوف على ما هو الحري بالقبول.