أن الحنابلة مشاركون معهم في بعض التشبيهات فإنكار الناصب بارد، وأما ما ذكره من أن مذهب أحمد بن حنبل ليس كذلك، ففيه أنه كذلك، بشهادة إمامهم فخر الدين الرازي حيث قال في رسالته المعمولة لتفضيل مذهب الشافعي: إن أحمد بن حنبل كان في نهاية الانكار للمتكلمين في التنزيه ولما كان في غاية المحبة للشافعي ادعت المشبهة أنه كان على مذهبهم " إنتهى " ولو سلم براءة أحمد عن التشبيه، فنقول: إن المصنف لم يقل: إن أحمد بن حنبل قال بالتشبيه وإنما نسب ذلك إلى الحنابلة، وكون الحنابلة قائلين بشئ لا يستلزم كون إمامهم قائلا به حتى يلزم من عدم كون أحمد قائلا بالتشبيه أن تكون نسبة التشبيه إلى أصحابه كلا أو بعضا افتراء كما زعمه الناصب، ألا ترى أن الشيخ الأشعري قائل بأن وجود كل شئ عين ذاته؟ مع أن الأشاعرة بأجمعهم مخالفون له في هذا كما صرح به الشارح الجديد للتجريد في أوائل كتابه، وكذا أصحاب أبي حنيفة قد خالفوه في كثير من المسائل الفروعية (1) حتى أن الفتوى قد تقرر بينهم على ما خالفوه فيه (2) ثم لا يخفى أن الناصب لم يذكر الطريق الثاني لأهل السنة، ولعله تفطن بأن فيه ما لا يمكنه التفصي عنه وهذا في قوة الاعتراف بما ذكره المصنف، فيكون ما ذكره الناصب
____________________
(1) وإذا شئت الاطلاع على ذلك فراجع كتب الحنفية كفقه القدوري والمبسوط للسرخسي، و فتاوى قاضي خان، والفتاوى العالمكيريه، والفتاوى التاتارخانيه، فمن سبر فيها عرف أنهم خالفوا إمامهم في مسائل كثيرة.
(2) ومن ذلك اتفاقهم على عدم استحباب غمض إحدى العينين في السجود وعدم لحوق الولد بالزوج لو لم تكن الزوجة مدخولة مع أن فتوى إمامهم على خلاف ذلك في الموضعين (ج 11)
(2) ومن ذلك اتفاقهم على عدم استحباب غمض إحدى العينين في السجود وعدم لحوق الولد بالزوج لو لم تكن الزوجة مدخولة مع أن فتوى إمامهم على خلاف ذلك في الموضعين (ج 11)