وأوردنا هذه الأسئلة عليه واعترفنا بالعجز عن الجواب عنها، إذا
عرفت هذا فنقول مذهبنا في هذه المسألة ما اختاره الشيخ أبو منصور الماتريدي (1) وهو أنا لا نثبت صحة رؤية الله تعالى بالدلائل العقلية، بل نتمسك في المسألة بظواهر
القرآن و الأحاديث، فإن أراد
الخصم تأويل هذه الدلايل وصرفها عن ظواهرها بوجوه عقلية يتمسك بها في نفي الرؤية اعترضنا على دلائلهم وبينا ضعفها ومنعناهم عن تأويل الظواهر " أنهى كلامه "، وقال في شرح المواقف بعد ترويج الدليل العقلي
للأشاعرة بما أمكنه: فالأولى ما قد قيل: من أن التعويل في هذه المسألة على الدليل العقلي متعذر، فلنذهب إلى ما اختاره الشيخ أبو منصور الماتريدي من التمسك بالظواهر النقلية هذا كلامه ونحن نقول: ليس لهذا الرجل المتسمى بالإمام ولا للسيد المحقق الشريف الهمام، مع علو شأنهما وشهرة مكانهما بين الأنام إيثار هذا الطريق وإثبات صحة رؤية الله تعالى وإمكانه بالظواهر، إذ لا يمكن التمسك بالظواهر النقلية إلا بعد إثبات الامكان الذاتي للرؤية بالبرهان العقلي وإلا وجب التأويل كما في سائر آيات التجسم، وقد اعترف بذلك شارح المقاصد (2) حيث قال: ولم
____________________
(1) هو الشيخ محمد بن محمد أبو منصور الحنفي المتكلم الباحث المتوفى سنة 333، والماتريدي نسبة إلى ما تريد من أعمال سمرقند، وله تآليف وتصانيف ككتاب أوهام المعتزلة وكتاب مآخذ الشرايع وكتاب الرد على القرامطة وكتاب التوحيد وكتاب تأويلات أهل السنة وغيرها، تلمذ عند أبي نصر العياضي، قال المولى علي القاري الخراساني في ذيل كتاب الجواهر المضيئة (ص 556 ط حيدرآباد): أن أتباع الماتريدي من الحنفية أكثر من غيرها، وأتباع أبي الحسن الأشعري من الشافعية أكثر من غيرها انتهى. ثم إن الفرقة الماتريدية أتباع أبي منصور المذكور تفترق عن الأشاعرة في أمور سنوردها إن شاء الله تعالى قريبا فاصبر إن الله مع الصابرين.
(2) وهو التفتازاني السابق ذكره.