كل مفتقر إلى الغير فهو ممكن. ومنها أنه يلزم إثبات ما لا نهاية له من المعاني القائمة بذاته تعالى وهو محال، بيان الملازمة: أن العلم بالشيئ مغاير للعلم بما عداه، فإن من شرط العلم المطابقة، ومحال أن يطابق الشئ الواحد أمورا متغايرة متخالفة في الذات (1) والحقيقة، لكن المعلومات غير متناهية، فيكون له علوم غير متناهية، لا مرة واحدة بل مرارا غير متناهية باعتبار كل علم يفرض في كل مرتبة من المراتب الغير المتناهية، لأن العلم بالعلم بالشيئ مغاير للعلم بذلك الشئ، ثم العلم بالعلم بالشيئ مغاير للعلم بالعلم بالعلم بذلك الشئ وهكذا إلى ما لا يتناهى، (خ ل ما لا نهاية له) وفي كل واحدة من هذه المراتب مراتب غير متناهية وهذا عين السفسطة، لعدم تعقله بالمرة. ومنها أنه لو كان الله تعالى موصوفا بهذه الصفات، وكانت قائمة بذاته كانت حقيقة الإلهية مركبة وكل مركب محتاج إلى جزئه، وجزؤه (2) غيره فيكون الله تعالى محتاجا إلى غيره، فيكون ممكنا، وإلى هذا أشار مولانا
أمير المؤمنين علي عليه السلام حيث قال: أول الدين معرفته، و كمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الاخلاص له، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة فمن وصف الله سبحانه فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثناه ومن ثناه، فقد جزاه، ومن جزاه فقد
جهله (3) ومنها أنهم ارتكبوا هيهنا
____________________
(1) العطف تفسيري، وفي الاصطلاح فرق بينهما بفروق سنتعرض لها في التعاليق الآتية (2) غيره أي باعتباره لا بشرط، كما أنه عينه باعتباره بشرط شئ.
(3) نهج البلاغة. الخطبة الأولى، حارت أفكار أهل النظر في شرح قوله عليه السلام، وكمال الاخلاص له نفي الصفات عنه، وببالي إني رأيت عدة رسائل ومقالات في شرحه، وكل أظهر العجز عن فهم معناه والنيل بمغزاه، وإنه لم يصب ما رامه الإمام، وكيف يدرك شأو من كان كلامه تالي كلام الله الذي أعجز مصاقع البلغا وفرسان الفصاحة عن الاتيان بسورة من مثله.