____________________
(1) ومن ثم ترى القوم يشيرون في كتبهم الطبية إلى ذلك حيث قالوا ولما كان المركب في هذا العالم مورد الأضداد وكل شئ يقوي ما هو من جنسه، ويضعف ما هو بخلافه، فيتغير المركب عما كان عليه بورود الوارد وينقلب عما كان عليه ولم يتأت عنه ما خلق لأجله بل صدر عنه ما هو بخلاف ما أريد منه وهذا هو المرض، وذلك الوارد هو سبب المرض وعلته، والصادر عنه على خلاف ما أريد منه هو العرض، مثلا خلق العين للنظر وقوامها بما هي عليه مما وضعها الله عليه، فإذا وقع فيها قذى ونكأها، فتلك النكأة هي المرض وذلك القذى هو السبب، فتعرض لها حمرة أو دمعة أو غير ذلك فتلك عرض لها، وأثر لتلك النكأة. فإذا ربما يكون عرض سبب مرض آخر، كالدمعة تصير سبب القرحة منه أو على مقام آخر، أو مرض عرض مرض آخر، أو مرض سبب مرض آخر إلى ما شاء الله فبالأعراض يستدل على الأمراض، وبالأمراض يتوصل إلى معرفة الأسباب كالرمد يكون عرض النزلة منه فالمرض أثر للسبب، والعرض أثر للمرض، فالواجب أولا لمن يروم المعالجات، قطع أسباب المرض الأولية ثم إن كانت الطبيعة قوية تدفع