قال المصنف رفع الله درجته الخامس لو كان الحسن والقبح باعتبار السمع لا غير لما قبح من الله شئ، و لو كان كذلك لما قبح منه تعالى إظهار المعجزات على الكذابين، وتجويز ذلك يسد باب معرفة النبوة، فإن أي نبي أظهر المعجزة عقيب ادعاء النبوة لا يمكن تصديقه مع تجويز إظهار المعجزة على يد الكاذب في دعوى النبوة " إنتهى " قال الناصب خفضه الله أقول: جوابه أنه لم يقبح من الله شئ قوله: لو كان كذلك لما قبح منه إظهار المعجزات على يد الكذابين، قلنا: عدم إظهار المعجزة على يد الكذابين ليس لكونه قبيحا عقلا، بل لعدم جريان عادة الله تعالى الجاري مجرى المحال العادي بذلك الاظهار، قوله: تجويز هذا يسد باب معرفة النبوة، قلنا: لا يلزم هذا لأن العلم العادي حاكم باستحالة هذا الاظهار، فلا ينسد ذلك الباب " إنتهى " أقول قد مر بيان قباحة الحكم بعدم قبح صدور القبائح المعلومة قبحها بالعقل من الله تعالى، وسبق أيضا أن قاعدة جريان العادة مع بطلانها بما مر لا يفيد المعرفة، لأن ذلك الجريان غير واجب على أصل الأشاعرة إذ لا يجب عليه تعالى شئ عندهم فيجوز تخلف العادة، فلا يحصل الجزم بصدق النبي قال المصنف رفع الله درجته السادس لو كان الحسن والقبح شرعيين لحسن من الله تعالى أن يأمر بالكفر وتكذيب الأنبياء وتعظيم الأصنام، وبالمواظبة على الزناء والسرقة، والنهي عن العبادة والصدق، لأنها غير قبيحة في أنفسها، فإذا أمر الله تعالى بها صارت حسنة، إذ لا فرق بينها وبين الأمر بالطاعة، فإن شكر المنعم ورد الوديعة والصدق ليست
(٣٧١)