والنهي جهة محسنة أو مقبحة يصير منشئا للأمر والنهي مردود، بأن الفاعل إذا فعل فعلا من غير ملاحظة فائدة ومدخليتها فيه يعد ذلك الفعل عبثا أو في حكم العبث في القبح، وإن اشتمل على فوائد ومصالح في نفس الأمر، لأن مجرد الاشتمال عليها لا يخرجه عن ذل، ضرورة أن ما لا يكون ملحوظا للفاعل عند إيقاع الفعل ولا مؤثرا في إقدامه عليه في حكم العدم كما لا يخفى على من اتصف بالانصاف.
قال المصنف رفع الله درجته ومنها أنه يلزم أن لا يكون الله تعالى محسنا إلى العباد، ولا منعما عليهم، ولا راحما، ولا كريما في حق عباده، ولا جوادا، وكل هذا ينافي نصوص الكتاب العزيز، والمتواتر من الأخبار النبوية، وإجماع الخلق كلهم من المسلمين وغيرهم، فإنهم لا خلاف بينهم في وصف الله تعالى بهذه الصفات على سبيل الحقيقة، لا على سبيل المجاز، وبيان لزوم ذلك أن الاحسان إنما يصدق لو فعل الحسن نفعا لغرض الاحسان إلى المنتفع، فإنه لو فعله لا لذلك لم يكن محسنا، ولهذا لا يوصف مطعم الدابة لتسمن حتى يذبحها بالاحسان في حقها ولا بالانعام عليها، ولا بالرحمة، لأن التعطف والشفقة إنما يثبت مع قصد الاحسان إلى الغير لأجل نفعه، لا لغرض آخر يرجع إليه، وإنما يكون كريما وجوادا لو نفع الغير للاحسان وبقصده، ولو صدر منه النفع لا لغرض لم يكن كريما ولا جوادا، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فلينظر العاقل المنصف من نفسه، هل يجوز أن ينسب ربه جل وعز إلى العبث في أفعاله، وأنه ليس بجواد ولا محسن ولا رحيم ولا كريم؟!
نعوذ بالله من مزال الأقدام والانقياد إلى مثل هذه الأوهام " إنتهى ".
قال الناصب خفضه الله أقول: جوابه منع الملازمة، لأن خلو الفعل من الغرض لا يستدعي كون