المعاد في أوائل حاشيته على الشرح الجديد للتجريد.
قال المصنف رفع الله درجته الثاني لو خير العاقل الذي لم يسمع الشرائع ولا علم شيئا من الأحكام، بل نشأ في بادية خاليا من العقائد كلها، بين أن يصدق ويعطي دينارا وبين أن يكذب ويعطي دينارا ولا ضرر عليه فيهما، فإنه يختار الصدق على الكذب، ولولا حكم العقل بقبح الكذب وحسن الصدق لما فرق (ميز خ ل) بينهما ولا اختار الصدق دائما.
قال الناصب خفضه الله أقول: قد سبق جواب هذا، وأن مثل هذا الرجل لو فرضنا أنه يختار الصدق بحكم عقله، فإنه يختاره لكونه صفة كمال أو موجب مصلحة، وهذا لا نزاع فيه أنهما عقليان لا أنه يختاره لكونه موجبا للثواب والعقاب، كيف وهو لا يعرف الثواب ولا العقاب؟ " إنتهى ".
أقول: قد سبق دفعه أيضا حيث بينا سابقا استلزام تلك المعاني لما هو محل النزاع، وقررنا قبيل ذلك بلا فصل: أن خصوصيات الثواب والعقاب غير معتبرة، و أيضا قد ظهر لك مما فصلناه سابقا من تحقيق الأصلين، وأن النزاع واقع فيهما، أن قول الناصب: إنه لا نزاع في أن حسن الصدق وقبح الكذب ونحوهما عقليان لا يصح على إطلاقه، لأن أحد الأصلين المتنازع فيه هو أن ما حسنه الشارح و أمر به هل كان سابقا حسنا بوجه وجهة ثم أمر به أم لا؟ ونحن نقول: نعم، لأنا نعلم بالبديهة أن الصدق كان حسنا ثم أمر به ثم صار حسنا، فلا يجوز عندنا النهي عن الصدق بالضرورة، فبطل ما ذهب إليه الأشاعرة من أنه أمر به ثم صار حسنا، وكذا الكلام في الظلم العدل ونحوهما، فكيف يقال هيهنا: إن