قال الناصب خفضه الله أقول: جوابه أن المطيع من أطاع الأمر والأمر غير الإرادة، فالمريد هو المقدر للأشياء ومرجح وجوداتها، فإذا وقع الخلق على وفق إرادته فلا يقال إن الخلق أطاعوه، نعم إذا أمرهم بشئ فأطاعوه يكونون مطيعين " إنتهى " أقول:
قد مر بيان أن الأمر مستلزم للإرادة، وأن كون الإرادة بمعنى التقدير والمريد بمعنى المقدر من اختراعات الناصب وتقديراته وتمويهاته، ومع ذلك لا يسمن ولا يغني من جوع كما لا يخفى.
قال المصنف رفع الله درجته ومنها كونه تعالى يأمر بما يكرهه، لأنه أمر الكافر بالايمان وكرهه منه من حيث لم يوجد وينهى عما يريده لأنه نهاه عن الكفر وأراده منه، وكل من فعل ذلك من أشخاص البشر نسبه كل عاقل إلى السفه والحمق تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، فكيف يجوز للعاقل أن ينسب إلى ربه تعالى ما يتبرء هو منه ويتنزه عنه؟
" إنتهى " قال الناصب خفضه الله أقول: قد سبق المنع من أن الأمر بخلاف ما يريده بعد سفها، وإنما يكون كذلك لو كان الغرض من الأمر منحصرا في إيقاع المأمور به، وليس كذلك، لأن الممتحن لعبده هل يطيعه أم لا؟ قد يأمره ولا يريد منه الفعل أما أن الصادر منه أمرا حقيقة فلأنه إذا أتى العبد بالفعل يقال: امتثل أمر سيده، وأما أنه لا يريد الفعل منه فلأنه لا يحصل مقصوده وهو الامتحان أطاع أو عصى، فلا سفه في الأمر بما لا يريده الآمر.