وقدره، وعلى الثاني يكون جميع الأفعال
بالقضاء والقدر، وقد أشار إلى هذا مولانا
أمير المؤمنين علي عليه السلام في حديثه المشهور المذكور في التجريد (1) وغيره، و سنذكره في موضعه اللائق به عن قريب إن شاء الله تعالى، وبالجملة أن
القضاء والقدر يستعملان في معان بعضها في حقه تعالى صحيح، وبعضها فاسد، وكل لفظة حالها هذه لا
يجوز إطلاقها لا بالنفي ولا بالاثبات، لإيهام الخطاء، فلا
يجوز إطلاق القول بأن أفعال العباد بقضاء الله وقدره لإيهامه معنى الخلق والأمر الذي قال به المجبرة، ولا إطلاق القول: بأنها ليست من قضائه وقدره لإيهامه زوال العلم والكتابة والاخبار ونحو ذلك مما هو صحيح في حقه تعالى، وكذا الكلام في كل لفظة هذا سبيلها من المشتركات لا بد فيها من التقييد بما يزيل الايهام (الابهام خ ل) هذا، وروي عن
الحسن البصري (2): أن من المخالفين قوما يقصرون في أمر دينهم و يعملون فيه بزعمهم على القدر، ثم لا يرضون في أمر دنياهم إلا بالجد والاجتهاد في الطلب والأخذ بالحزم، فإذا أمر أحدهم بشئ من أمر الآخرة قال: لا أستطيع، قد جفت الأقلام وقضي الأمر (3) ولو قلت له، لا تتعب نفسك في طلب الدنيا وقها (4) مشاق الأسفار والحر والبرد والمخاطرة، فإنه سيأتيك ما قدر لك، ولا تسق زرعك ولا تحرسه، ولا تعقل بعيرك، ولا تغلق باب دارك، ولا تلتمس
____________________
(1) فراجع شرح التجريد للعلامة المصنف " قده " (ص 194 ط قم) (2) هو حسن بن يسار أو حسن بن جعفر أبو سعيد البصري من مشاهير التابعين واحد الزهاد الثمانية توفي سنة 110 وكان واصل بن عطاء رئيس المعتزلة من تلاميذه، أمه خيرة محررة أم سلمة أم المؤمنين، وبالجملة الرجل ممن تذكر أقواله في التفسير والكلام والحديث.
(3) ويضاهيه بالفارسية (قلم اينجا رسيد سر بشكست) (4) صيغة أمر من وقى يقي.