أقول: النص الدال على أنه تعالى خالق كل شئ مخصوص بالعقل الحاكم، بأنه تعالى لم يخلق ذاته المقدسة وبمعارضة النصوص النقلية، كقوله تعالى تبارك الله أحسن الخالقين (1)، والأدلة العقلية الدالة على أن العبد فاعل لفعل نفسه كما سيجئ، فيكون المراد أنه تعالى خالق لجميع الأفعال المنسوبة إليه، إن قيل: إنه تعالى إنما قال: إنه خالق كل شئ تمدحا واستحقاقا للعبادة، فلا يصح الحمل على أنه خالق لبعض الأشياء كأفعال نفسه لأن كل حيوان عند الإمامية والمعتزلة كذلك، قلنا: يجوز أن يكون التمدح بفعل نفسه لكونه أتقن وأجل وأكبر ذاتا ونفعا فلا حاجة في إفادة التمدح إلى العموم، وأما حديث الكسب فسيجئ الكلام فيه في موضعه إن شاء الله تعالى.
قال المصنف رفع الله درجته قالت الإمامية: إن الله تعالى لم يفعل شيئا عبثا، بل إنما يفعل لغرض و مصلحة، وإنما يمرض لمصالح العباد ويعوض المولم بالثواب بحيث ينتفي العبث والظلم، وقالت الأشاعرة: لا يجوز أن يفعل الله تعالى شيئا لغرض من الأغراض ولا لمصلحة، ويؤلم العبد بغير مصلحة ولا غرض، بل يجوز أن يخلق خلقا في النار مخلدين فيها أبدا من غير أن يكون قد عصوا أو لا.
____________________
(1) المؤمنون. الآية 14.