من يتبرك بمن يتعبد الله بما عاب به الكفار، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور (1)، ولقد شاهدت جماعة من الصوفية في حضرة مولانا
الحسين صلوات الله عليه، وقد
صلوا المغرب سوى شخص واحد منهم كان جالسا لم يصل، ثم
صلوا بعد ساعة العشاء سوى ذلك الشخص، فسألت بعضهم عن ترك صلاة ذلك الشخص، فقال: وما حاجة هذا إلى
الصلاة وقد وصل، أيجوز أن يجعل بينه وبين الله تعالى حجابا؟ فقلت لا، فقال:
الصلاة حاجب بين العبد والرب، فانظر أيها العاقل إلى هؤلاء وعقائدهم في الله تعالى كما تقدم، وعبادتهم ما سبق واعتذارهم في ترك
الصلاة بما مر، ومع ذلك فإنهم عندهم الأبدال فهؤلاء هم أجهل الجهلاء [خ ل الجهال] " إنتهى. " قال الناصب خفضه الله أقول مذهب
الأشاعرة أنه تعالى لا
يجوز أن يحل في غيره، وذلك لأن الحلول هو الحصول على سبيل التبعية، وأنه ينفي الوجوب الذاتي، وأيضا لو استغنى عن المحل بذاته لم يحل فيه، وإلا احتاج إليه لذاته، ولزم حينئذ قدم المحل فيلزم محالان معا. (2) وأما ما ذكر: أن الجمهور من الصوفية جوزوا عليه الحلول فقد ذكرنا في الفصل السابق أنه إن أراد بهذه الصوفية مشايخنا المحققين فإن اعتقاداتهم مشهورة، ومن أراد الاطلاع على حقائق عقائدهم فليطالع الكتب التي وضعوها لبيان الاعتقادات، كالعقائد المنسوبة إلى سهل بن عبد الله التستري (3)، وكاعتقادات
____________________
(1) الحج. الآية 46.
(2) وهما قدم المحل الحادث وحدوث الحال القديم.
(3) هو أبو محمد سهل بن عبد الله بن يونس التستري، من أكابر الصوفية ورؤساء بعض سلاسلهم توفي سنة 273 وقيل 283 في بلدة بصرة، وله كلمات وأوراد لدى القوم تحكى في نواديهم وتذكر في كتبهم ولسهل تآليف وتصانيف منها كتاب تفسير القرآن على مذاق الصوفية والعرفاء.