كيف يقدر الباحث على إثبات
وجوب كون كلامه تعالى صدقا؟، الثاني أن الكلام النفساني عندهم مغاير للحروف والأصوات، ولا طريق لهم إلى إثبات كونه تعالى صادقا في الحروف والأصوات " إنتهى. " قال الناصب خفضه الله أقول: مذهب
الأشاعرة أنه تعالى يمتنع عليه
الكذب، ووافقهم
المعتزلة في ذلك، أما دليل
الأشاعرة فلأنه نقص، والنقص على الله محال، وأما عند
المعتزلة فلأن
الكذب قبيح، وهو سبحانه لا يفعل القبيح (1)، وقال صاحب المواقف إعلم أنه لم يظهر لي فرق بين النقص في الفعل وبين القبح العقلي فيه فإن النقص في الأفعال هو القبح العقلي بعينه فيها، وإنما تختلف العبارة، أقول: الفرق أن النقص هيهنا يراد به النقص في الصفات، فإنه على تقدير
جواز الكذب عليه يتصف ذاته بصفة النقص وهم لم يقولوا هيهنا بالنقص في الأفعال، حتى لا يكون فرقا بينه و بين القبح العقلي كما ذكره صاحب المواقف، فحاصل استدلال
الأشاعرة: أنه تعالى لو كان كاذبا لكان ناقصا في صفته، كما أنهم يقولون: لو كان عاجزا أو جاهلا لكان ناقصا في صفته، ولم يعتبروا ما يلزم ذلك النقص من القبح الذي يقول به
المعتزلة فتأمل، والفرق دقيق، ثم ما ذكره: من أن عدم
الكذب عليه لا يتمشى على قواعد
الأشاعرة، فهذا كلام باطل عار عن التأمل، فإن القول بأن لا مؤثر في الوجود
____________________
(1) لما كان لقائل أن يقول: إن خلق الكاذب أيضا نقص في فعله فيعود المحذور بعينه أشار إلى دفعه بقوله: إعلم الخ، فأصحابنا المنكرون للقبح العقلي كيف يتمسكون في دفع الكذب عن الكلام اللفظي بلزوم النقص في أفعاله تعالى. أي لا يمكن لنا أن نتمسك بذلك على امتناع الكذب في كلام اللفظي أو تنزهه تعالى عن مثل هذا النقص ليس بوجب عندنا إذ ليس هذا نقصا.