قد سألت، فافهم الجواب، إن في أيدي الناس حقا وباطلا وصدقا وكذبا وناسخا ومنسوخا وعاما وخاصا ومحكما ومتشابها وحفظا ووهما، وقد كذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم على عهده حتى قام خطيبا فقال: أيها الناس قد كثرت علي الكذابة فمن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (1) ثم كذب عليه من بعده، وإنما أتاكم الحديث من أربعة ليس لهم خامس، رجل منافق مظهر للايمان متصنع بالاسلام لا يتأثم ولا يتحرج أن يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم متعمدا، فلو علم الناس أنه منافق كذاب لم يقبلوا منه ولم يصدقوه، ولكنهم قالوا: هذا قد صحب رسول الله ورآه وسمع منه وأخذ عنه ولا هم يعرفون حاله، وقد أخبره الله تعالى عن المنافقين بما أخبره ووصفهم بما وصفهم، وقال عز وجل:
وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم وأن يقولوا تسمع لقولهم (2) ثم بقوا بعده فتقربوا إلى أئمة الضلالة والدعاة إلى النار بالزور (3) والكذب والبهتان فولوهم الأعمال وحملوهم على رقاب الناس وأكلوا بهم الدنيا، وإنما الناس مع الملوك
____________________
(1) رواه في كنز العمال (ج 3 ص 355 حديث 3105) عن صحيح أبي يعلى، عن سعيد بن زيد، وعن صحيحي البخاري والمسلم. في حديث قال: رسول الله (صلعم): من كذب علي متعهدا فليتبوء مقعده من النار. وهذه الرواية الشريفة مما وردت بأسانيد عديدة في كتب الفريقين: بل قد ادعى بعض المحدثين تواترها اللفظي فإن لم يكن كذلك فالتواتر المعنوي مسلم فراجع.
(2) سورة المنافقين. الآية 4.
(3) الزور يقال: زور الكذب أي زينه. والكذب مخالفة الواقع في الخبر كان بالتزيين أو لم يكن. والبهتان، الافتراء.
(2) سورة المنافقين. الآية 4.
(3) الزور يقال: زور الكذب أي زينه. والكذب مخالفة الواقع في الخبر كان بالتزيين أو لم يكن. والبهتان، الافتراء.