شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ١ - الصفحة ٤٧١
ولا طاقة له به، وأن يطلب منه فعل ما يعجز عنه ويمتنع منه، فلا يجوز له أن يكلف الزمن الطيران إلى السماء، ولا الجمع بين الضدين، ولا بكونه في المشرق حال كونه في المغرب، ولا إحياء الموتى، ولا إعادة آدم ونوح، ولا إعادة أمس الماضي، ولا إدخال جبل قاف (1) في خرم (2) إلا برة، ولا شرب ماء دجلة في جرعة واحدة ولا إنزال الشمس والقمر إلى الأرض، إلى غير ذلك من المحالات الممتنعة لذاتها، وذهبت الأشاعرة إلى أن الله تعالى لم يكلف العبد إلا ما لا يطاق، ولا يتمكن من فعله، فخالفوا المعقول الدال على قبح ذلك، وهو أنه تعالى لا يفعل القبيح، والمنقول وهو المتواتر من الكتاب العزيز، قال الله تعالى: لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (3) وما ربك بظلام للعبيد (4) لا ظلم اليوم (5) ولا يظلم ربك
____________________
(1) قال صفي الدين البغدادي في مراصد الاطلاع (ج 3 ص 1059 طبع مصر) ما لفظه (قاف) بلفظ أحد الحروف المعجمة، قيل هو الجبل المحيط بالأرض، وقال شيخنا العلامة الطريحي النجفي في مجمع البحرين: قوله تعالى (ق) هو جبل محيط بالدنيا من وراء يأجوج ومأجوج، وقال العلامة الزبيدي في (ج 6 من تاج العروس طبع مصر ص 228) ما لفظه مازجا بعبارة القاموس: وجاء في بعض التفاسير إن (ق) جبل محيط بالأرض، قال الله تعالى: (ق) والقرآن المجيد) كما في العباب والصحاح، وقال شيخنا: إن اسم الجبل المحيط (قاف) علم مجرد عن الألف واللام، وقد وهم المصنف الجوهري بمثله في (سلع) الذي هو جبل بالمدينة وقال إنه علم لا تدخله اللام وكأنه نسي هذه القاعدة التي أصلها. إلى آخر ما أفاد.
وأورد ابن منظور (في لسان العرب ص 293 ج 9 طبع بيروت) ما نقلناه عن التاج.
(2) خرمه خرما: ثلمه، ثقبه، خرم الخرزة: فصمها، خرم الأنف: شق وترته، خرم الإبرة كسر ثقبها.
(3) البقرة. الآية 286.
(4) فصلت. الآية 46.
(5) غافر. الآية 17.
(٤٧١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 464 465 466 469 470 471 472 473 474 475 476 ... » »»
الفهرست