ونقائصه حيث يحمد عليها ويذم، وادعاؤه التناقص في كلام الأشعري حيث جعل كل كمال حسنا وكل نقصان قبيحا مع أنه قرر في أول الفصل: أن النزاع في
الحسن والقبح بمعنى استحقاق المدح والذم في الدنيا والثواب والعقاب في الآخرة " إنتهى كلامه ". ووجه الدفع أن التناقض لازم من كلام الأشعري كما قررناه، ولم يدع صاحب التوضيح أن ذلك مستفاد من صريح كلام الأشعري أو ظاهره، وذلك ظاهر جدا. وأما المعنى الآخر الذي استثنوه أيضا عن محل النزاع وهو ملائمة الغرض ومنافرته اللتان قد يعبر عنهما بالمصلحة والمفسدة كما في المواقف فهو من باب تحسين الطبع وتقبيحه دون العقل، كما أشار إليه المصنف قدس سره في النهاية حيث قال: واعلم أن
الأشاعرة يلزمهم نفي القبح بالكلية، لأن الواقع (1) مستند إلى قدرته تعالى، وكل ما يفعله الله تعالى عندهم فهو حسن، فتكون أنواع الكفر والظلم وجميع القبائح الصادرة عن البشر غير قبيحة، واعتذارهم بأن القبح المعلوم بالضرورة إنما هو القبح بمعنى ملائمة الطبع ومنافرته ضعيف، فإن
الظالم العاقل يميل طبعه إلى
الظلم، ومع ذلك فإنه يجد صريح عقله حاكما بقبحه (2)، وأيضا من خاطب الجماد فأمره ونهاه لا ينفر طبعه عنه وهو قبيح قطعا، ومن أنشأ قصيدة حسنة في شتم الأنبياء والملائكة عليهم السلام وقرأها بصوت طيب حسن، فإنه يميل الطبع إليه وينفر العقل منه، فعلمنا المغايرة بين نفرتي العقل والطبع " إنتهى ". وأيضا لو كان
الحسن والقبح عين النفرة والميل الطبيعيين لوجب اختلاف العقلاء في ذلك، لأنا نجدهم يختلفون فيما تميل إليه طباعهم وتنفر عنه، ولم نجدهم يختلفون في حسن
الصدق وأمثاله
____________________
(1) الألف واللام موصولة، أي الفعل الذي وقع.
(2) نعم قد لا يلتفت إلى قبحه لكثرة غيظه وكونه في مقام التشفي أو أعمال مشتهياته وذلك لا ينافي حكمه بالقبح المرتكز في فطرته.