قال الناصب خفضه الله أقول: ذكر في هذا المبحث خلاف الناس في رؤية الله تعالى وما اختص به الأشاعرة من إثباتها مخالفة للباقين، وذكر أنهم خالفوا الضرورة لأنه لا يمكن رؤية ما ليس بجسم، فقد علمت أن الرؤية بالمعنى الذي ذكرناه ليست مختصة بالأجسام، ولا يشترط بشرط، لكن جرى في العادة اختصاصها بالجسم المقابل، وقد علمت أن الله تعالى ليس جسما، ولا في جهة، ويستحيل عليه مقابلة ومواجهة وتقليب حدقة ونحوه، ومع ذلك يصح أن ينكشف لعباده انكشاف القمر ليلة البدر، كما ورد في الأحاديث الصحيحة (2)، وأن يحصل لهوية العبد بالنسبة إليه هذه الحالة المعبر عنها بالرؤية، فمن عبر عن الرؤية بما ذكرناه و جوز حصولها في حقه تعالى على الوجه المذكور، فأين هو من المكابرة ومخالفة الضرورة؟ ثم إن ما استدل به على عدم جواز الرؤية من قوله تعالى: لا تدركه الأبصار (3)، فإن الادراك في لغة العرب هو الإحاطة، ألا ترى في قوله تعالى: قال أصحاب موسى إنا لمدركون (4)، فلا شك أنه يريد به الإحاطة؟، وأما الادراك بالمعنى المرادف للعلم، فهو من اصطلاحات الحكماء، لا أن في كلام العرب يكون الادراك بمعنى العلم والاحساس، ولا شك أن الإحاطة به تعالى نقص، فيكون
____________________
(1) الاسراء. الآية 15.
(2) وسيأتي عدم صلاحية الاستناد بها لاشتمال أسانيدها على من كان عقله مختلا حين الرواية وعلى من كان مرميا بالكذب.
(3) الظاهر أن خبر إن ساقط وهو لفظة غير صحيح وما بمعناها.
(4) الشعراء. الآية 61.
(2) وسيأتي عدم صلاحية الاستناد بها لاشتمال أسانيدها على من كان عقله مختلا حين الرواية وعلى من كان مرميا بالكذب.
(3) الظاهر أن خبر إن ساقط وهو لفظة غير صحيح وما بمعناها.
(4) الشعراء. الآية 61.