قال الناصب خفضه الله أقول: مذهب الأشاعرة أن شرائط الرؤية إذا تحققت لم تجب الرؤية، ومعنى نفي هذا الوجوب: إن الله تعالى قادر على أن يمنع البصر من الرؤية مع وجود الشرائط وإن كانت العادة جارية على تحقق الرؤية عند تحقق الأمور المذكورة، ومن أنكر هذا وأحاله عقلا فقد أنكر خوارق العادات ومعجزات الأنبياء، فإنه مما اتفق على روايته ونقله أصحاب جميع المذاهب من الأشاعرة والمعتزلة والإمامية: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج ليلة الهجرة من داره، وقريش قد حفوا بالدار، يريدون قتله، فمر بهم ورمى على وجوههم بالتراب، وكان يقرأ سورة يس، وخروج ولم يره أحد، وكانوا جالسين غير نائمين ولا غافلين، فمن لا يسلم أن عدم حصول الرؤية جائز مع وجود الشرائط بأن يمنع الله تعالى البصر بقدرته عن الرؤية، فعليه أن ينكر هذا وأمثاله، ومن الأشاعرة من يمنع وجوب الرؤية عند استجماع الشرائط: بأنا نرى الجسم الكبير من البعيد صغيرا، وما ذلك إلا لأنا نرى بعض أجزائه دون البعض مع تساوي الكل في حصول الشرائط، فظهر أنه لا تجب الرؤية عند اجتماع الشرائط. والتحقيق ما قدمناه من أنهم يريدون من عدم الوجوب جواز عدم الرؤية عقلا وإمكان تعلق القدرة به، فأين إنكار المحسوسات؟ وأين هو من السفسطة؟ ثم ما ذكر: من تجويز أن تكون (1)
____________________
(1) والجواب على طريق الحل أن يقال: إن أريد بقوله: وإلا جاز، أنه لو لم تجب الرؤية عند اجتماع شرائطها لأمكن بحسب الذات أن تكون بحضرتنا جبال شاهقة لم نرها، فمسلم وبطلانه ممنوع، وإن أريد أنه لو لم يجب لجاز عند العقل ذلك ولم يأب عنه فممنوع، إذ التجويز العقلي أنما يكون عند انتفاء العلم العادي بانتفائها، وهو ممنوع، بل الوجدان يقتضي تحقق هذا العلم العادي المنافي لأن يجوز العقل خلافه. من الفضل بن روزبهان في هامش بعض النسخ.