كيفية قتله وشهادته وما حل به من المصاب وأن دمه من الدعاء التي لرسول الله صلى الله عليه وآله على رقبة أهل السنة والجماعة قد مر سابقا أنه قدس سره هاجر من تستر إلى مشهد الرضا عليه السلام وأقام به سنين مكبا على الإفادة والاستفادة، فلما برع وفاق في جل العلوم عزم على الرحيل إلى بلاد الهند سنة 993 لا شاعة المذهب الجعفري، حيث رأى أن بتلك الديار لا ترفع لآل محمد صلى الله عليه وآله راية، فورد بلدة لاهور غرة شوال من تلك السنة، فلما وقف السلطان جلال الدين أكبر شاه التيموري وكان من أعاظم ملوك الهند جاها ومالا ومنالا على جلالة السيد ونبالته وفضائله قربه إلى حضرته وأدناه، فصار من الملازمين له وممن يشار إليه بالبنان، ثم لما توفي قاضي القضاة في الدولة الأكبرية عينه السلطان للقضاء والافتاء، فامتنع القاضي من القبول، فألح الملك عليه، فقبل على أن يقضي في المرافعات على طبق اجتهاده وما يؤدي إليه نظره بشرط أن يكون موافقا لأحد المذاهب الأربعة، وبقي مقربا مبجلا لدى الملك المذكور وكان يدرس الفقه على المذاهب الخمس الشيعة الحنفية المالكية الحنبلية الشافعية متقيا في مذهبه، وكان يرجح من أقوالهم القول المطابق لمذهب الشيعة الإمامية، فطار صيت فضائله في تلك الديار إلى أن توجهت إليه أفئدة المحصلين من كل فج عميق للاستفاضة من علومه والاستنارة من أنواره فحسده الحاسدون من علماء القوم من القضاة والمفتين إلى أن سمعوا ذات يوم من القاضي الشهيد كلمة (عليه الصلاة والسلام) في حق مولانا علي أمير المؤمنين عليه السلام، فاستنكره الحاضرون ونسبوه إلى الابتداع زعما منهم أن الصلاة والسلام مختصتان بالنبي، فأفتوا بإباحة دمه، وكتبوا في ذلك كتابا وأمضاه كلهم إلا أحد مشايخهم حيث خالف وكتب
(حياة القاضي الشهيد ١٥٨)