هذا الكلام من قبيل أن يقال: كون المشار إليه " بأنا " (2) جوهرا مجردا باطل، لأن كل واحد من العقلاء يشير إليه " بأنا " مع أنه لم يتصور الجوهر المجرد أصلا، بل مع أنه ينكر ثبوته على ما هو رأي المتكلمين أو يقال: كون الزمان مقدارا لحركة الفلك باطل، لأن كل أحد يقسم الزمان إلى أجزائه مع عدم تصوره مقدار حركة الفلك إلى غير ذلك من النظائر بالتي لا يخفى شئ منها على من خاض في تيار (1) بحار الحكمة، ثم ذكر حله وتفصيله فقال: للمستدل أن يمنع عدم تصور كل واحد من العقلاء العقل أصلا، ويقول: بل تصور العقل (يتصور خ ل) بهذا الوجه، وهو أنه الواقع ونفس الأمر ومطابق الصوادق وإن لم يتصور بخصوصية كونه عقلا ومحلا لارتسام صور الكائنات، ثم يدل البرهان على أن المتصور بهذا الوجه هو العقل المتصف بتلك الصفات، كما في إثبات النفس والزمان و غيرهما من المطالب الحكمية التي لا يخفى على من ذاق الحكمة " إنتهى " ومن العجب أن هذا الفاضل المعاصر مع طول ملازمته ومدارسته لذلك الشرح والحاشية قد غفل عن جريان نظير ذلك النقض والحل فيما نحن فيه، وأعجب من ذلك أن هذا الفاضل أنكر هيهنا استقلال العقل في أمر الآخرة مطلقا، وسلم استقلاله في بعض أحوال
____________________
(2) أقول: حارت الألباب في تعيين المراد بلفظة (أنا) إذ ما من معنى إلا وتصح إضافته إلى تلك الكلمة، فحملها المشهور على الجوهر المجرد.
وبعضهم على الروح، وآخر على النفس، وآخر على العقل، وآخر على البدن، وآخر على مجموع الروح والبدن، وآخر على الروح والبدن اللطيف المثالي إلى غير ذلك من المحتملات.
وغاية ما جعلوه تحقيقا في المقام هو أن يراد في كل إضافة من لفظة (أنا) كل ما هو غير المضاف.
(1) التيار: موج البحر الهائج.
وبعضهم على الروح، وآخر على النفس، وآخر على العقل، وآخر على البدن، وآخر على مجموع الروح والبدن، وآخر على الروح والبدن اللطيف المثالي إلى غير ذلك من المحتملات.
وغاية ما جعلوه تحقيقا في المقام هو أن يراد في كل إضافة من لفظة (أنا) كل ما هو غير المضاف.
(1) التيار: موج البحر الهائج.