شرحه له، ويشعر به كلام أبي هاشم أيضا في مسألة وضع الألفاظ حيث استدل على كون اللغات اصطلاحية بأنها لو كانت توقيفية لكان إما بالعلم الضروري، بأنه تعالى وضع تلك الألفاظ لمعانيها أولا، والأول إما أن يكون ذلك العلم خلقه في عاقل أو غيره؟ والأول باطل، وإلا لزم أن يكون العلم به تعالى ضروريا، إذ العلم بأنه وضع اللفظ للمعنى مسبوق بالعلم بالموصوف، لكن التالي باطل، وإلا لبطل التكليف، لكن قد ثبت
وجوب التكليف على كل عاقل، والثاني باطل لامتناع أن يخلق في غير العاقل علما ضروريا بالألفاظ ومناسباتها وتراكيبها العجيبة، وأما الثاني وهو أن لا يكون قد خلق العلم الضروري بذلك فهو باطل أيضا، و إلا لافتقر السامع في كون ما سمعه موضوعا بإزاء معناه إلى طريق، ونقل الكلام إليه فإما أن يتسلسل أو ينتهي إلى الاصطلاح، كذا في النهاية للمصنف قدس سره وقد أشار إليه ابن الحاجب (1) في بحث اللغات من مختصره وفصله الفاضل الأبهري (2) في حاشيته بما يقرب من تقرير النهاية، وغاية الأمر أنه يلزم منه عدم قدرته على خلق العلم الضروري في تلك المسألة ونحوها مما
يتوقف تصور طرفي الحكم فيها على العلم به تعالى لا عدم القدرة على الخلق العلم الضروري مطلقا ثم لا يخفى أن الجواب عن (خ ل على) كل من المذاهب الأربعة التي ذكرها المصنف هيهنا شئ واحد، وهو أن الغلط لهؤلاء إنما نشأ من توهم أن القدرة تستلزم الوقوع، وهو وهم فاسد، فإنه ليس كل ما تعلقت القدرة به وجب وقوعه،
____________________
(1) هو الشيخ عثمان بن عمر جمال الدين المالكي المشتهر بابن الحاجب المتوفى سنة 646 له تآليف وتصانيف شهيرة في النحو والصرف والأصول واللغة كالكافية والشافية والمختصر وشرح المفصل وغيرها.
(2) هو الشيخ مفضل أو الفضل بن عمر أثير الدين الأبهري المسكن السمرقندي الأصل المتوفى سنة 663 على احتمال وله كتب كرسالة ايساغوجي في الكليات الخمس وغيرها.