____________________
(1) مسألة اتحاد الطلب والإرادة مما اختلفت فيه كلمة الفحول من الفريقين، ومنشأ النزاع فيها ما صدر من الأشاعرة من الالتزام بالكلام النفسي في المأة الثالثة، ثم سرى ذلك إلى الأصول فصارت المسألة محل بحث في كلا العلمين، فاختلفوا في المسألة على أقوال فمنهم من جعل النزاع لغويا في تعيين ما هو الموضوع له لكليهما بعد تسلم كونهما مترادفين؟ وإنه هل هو الشوق المؤكد أو من مقدماته؟ أو بالعكس.
ومنهم من جعل النزاع عقليا وإنه هل هناك اتحاد بين الطلب والإرادة حقيقة أم لا؟
فهم بين قائل باتحادهما مفهوما ومصداقا مع الاختلاف في المنصرف إليه عند العرف و لازمه كون اللفظين مترادفين وبين قائل بتغايرهما مفهوما واتحادهما مصداقا وبين قائل بتغايرهما مفهوما ومصداقا، ذهب إليه أكثر الأشاعرة وعدة من أصحابنا المتأخرين.
ثم إن القائلين بتغايرهم كذلك اختلفوا على قولين، فمنهم من جعل الإرادة والطلب كليهما من مقولة الكيف النفساني، وجعل الإرادة في مرتبة متقدمة على الطلب، ومنهم من جعل الإرادة من مقولة الكيف النفساني والطلب من مقولة الفعل النفساني وادعى وضوحه بشهادة الوجدان وذكر إن الإرادة صفة قائمة بالنفس موجبة لحركة نفسانية هي فعل النفس وهذه غير الحركة الخارجية القائمة بالأعضاء فتكون الحركة الخارجية في مرتبة ثالثة متأخرة عن مرتبة تحقق الحركة النفسانية وهي متأخرة عن مرتبة تحقق الإرادة، وكان يعبر بعض المحققين من المتأخرين عن حركة النفس بالحملة النفسانية و كان يلتزم بأن هناك أمورا بنحو السلسلة الطولية هكذا (1) مقدمات الشوق المؤكد (2) نفس الشوق المؤكد (3) تحريك الشوق للنفس (4) حركة النفس بعد التحريك (5) حركة الأعضاء نحو الفعل أو مقدماته.
وأنت خبير بأن ما حققه ودققه حقيق بالقبول ولا يشك ذو مسكة في تغاير التحريك أو الحركة مع الشوق القائم بالنفس، لكنه مع التزامه بالتعدد خالف الأشاعرة في مسلكهم حيث إن الطلب عنده من مقولة الفعل النفساني أو الفعل الخارجي، والأشعري مع كونه قائلا بالتعدد ينكر كونه من تلك المقولات بل جعله أمرا نفسانيا مغايرا لجميع ذلك، فيكون أحسن الأجوبة عن مقالة الأشعري ما أفاده المتقدمون من أصحابنا رضوان الله عليهم من الإحالة إلى الوجدان وأنا إذا راجعنا إلى وجداننا لا نجد أمرا مغايرا لما ذكر، والبرهان عند شهادة الوجدان مما يستغنى عنه.
ومنهم من جعل النزاع عقليا وإنه هل هناك اتحاد بين الطلب والإرادة حقيقة أم لا؟
فهم بين قائل باتحادهما مفهوما ومصداقا مع الاختلاف في المنصرف إليه عند العرف و لازمه كون اللفظين مترادفين وبين قائل بتغايرهما مفهوما واتحادهما مصداقا وبين قائل بتغايرهما مفهوما ومصداقا، ذهب إليه أكثر الأشاعرة وعدة من أصحابنا المتأخرين.
ثم إن القائلين بتغايرهم كذلك اختلفوا على قولين، فمنهم من جعل الإرادة والطلب كليهما من مقولة الكيف النفساني، وجعل الإرادة في مرتبة متقدمة على الطلب، ومنهم من جعل الإرادة من مقولة الكيف النفساني والطلب من مقولة الفعل النفساني وادعى وضوحه بشهادة الوجدان وذكر إن الإرادة صفة قائمة بالنفس موجبة لحركة نفسانية هي فعل النفس وهذه غير الحركة الخارجية القائمة بالأعضاء فتكون الحركة الخارجية في مرتبة ثالثة متأخرة عن مرتبة تحقق الحركة النفسانية وهي متأخرة عن مرتبة تحقق الإرادة، وكان يعبر بعض المحققين من المتأخرين عن حركة النفس بالحملة النفسانية و كان يلتزم بأن هناك أمورا بنحو السلسلة الطولية هكذا (1) مقدمات الشوق المؤكد (2) نفس الشوق المؤكد (3) تحريك الشوق للنفس (4) حركة النفس بعد التحريك (5) حركة الأعضاء نحو الفعل أو مقدماته.
وأنت خبير بأن ما حققه ودققه حقيق بالقبول ولا يشك ذو مسكة في تغاير التحريك أو الحركة مع الشوق القائم بالنفس، لكنه مع التزامه بالتعدد خالف الأشاعرة في مسلكهم حيث إن الطلب عنده من مقولة الفعل النفساني أو الفعل الخارجي، والأشعري مع كونه قائلا بالتعدد ينكر كونه من تلك المقولات بل جعله أمرا نفسانيا مغايرا لجميع ذلك، فيكون أحسن الأجوبة عن مقالة الأشعري ما أفاده المتقدمون من أصحابنا رضوان الله عليهم من الإحالة إلى الوجدان وأنا إذا راجعنا إلى وجداننا لا نجد أمرا مغايرا لما ذكر، والبرهان عند شهادة الوجدان مما يستغنى عنه.