للنقصان، فإنه تعالى محتاج في صفاته الفعلية إلى مخلوقاته (1)، وأيضا لا يجوز أن يكون الواجب تعالى علة تامة لوجود الحادث وإلا يلزم قدمه، فاحتاج إيجاده إلى حادث آخر، وهكذا، فيلزم أن يكون كل حادث مسبوقا بمواد غير متناهية، والاحتياج في فاعليته إليها غير مستلزم للنقصان، فكيف يكون الاحتياج فيها إلى الغرض مستلزما له؟! وأيضا يحتاج الواجب في إيجاد العرض إلى وجود المحل وفي إيجاد الكل إلى وجود الجزء، والشيخ الأشعري وإن قال: بأنه لا علاقة بين الحوادث المتعاقبة إلا بإجراء العادة بخلق بعضها عقيب بعض كالاحراق عقيب مماسة النار والري بعد شرب الماء، وليس للماسة والشرب مدخل في الاحراق والري، لكن بديهة العقل
شاهدة بأن وجود المحل له مدخل في وجود العرض ووجود الجزء في وجود الكل. وأيضا تعليل أفعاله تعالى راجع إلى الصفات و الكمالات الفعلية (2) كخالقية العالم ورازقية العباد، والخلو عنها ليس بنقص قطعا، وإنما النقص خلوه عن الصفات الحقيقية، وبهذا يندفع ما قيل:
إن الغرض علة لعلية العلة الفاعلية، فلو كان لفعله تعالى غرض لاحتاج في عليته إليه والمحتاج إلى الغير مستكمل به بلا مرية " إنتهى ".
ووجه الدفع ظاهر مما ذكرناه، ويمكن أن يدفع بوجه آخر وهو:
أن غرض الفاعل يكون سببا للفاعل على الاقدام بفعله، بمعنى أن العلم بالغاية المترتبة على المعلوم يكون سببا للفاعل على الاقدام بالفعل، ألا ترى؟ أن الغرض
____________________
(1) والحاصل أن كل ما اتصف به تعالى من النسب المتجددة ونحوها كمال فعلي، فعلى تقدير تجدد تلك النسب يلزم أن يكون تعالى خاليا عنها قبل تجددها فيكون ناقصا قبل تجددها. منه " قده ".
(2) والحاصل أن الغرض كمال فعلي ككونه محمودا أو مشكورا مثلا. منه " قده ".