وقال السهى (1) للشمس أنت خفية * وقال الدجى (2) للصبح لونك حائل (3) وطاولت الأرض السماء سفاهة * وفاخرت الشهب (4) الحصى والجنادل (5) فيا موت زر إن الحياة ذميمة * ويا نفس جدي إن دهرك هازل (6) قال المصنف رفع الله درجته المبحث السابع في أنه تعالى يستحيل أن يرى، خالفت
الأشاعرة كافية العقلاء في هذه المسألة حيث حكموا: بأن الله تعالى مرئي للبشر، أما الفلاسفة والإمامية
والمعتزلة فإنكارهم لرؤيته تعالى ظاهر، ولا شك فيه. وأما المشبهة و المجسمة فإنهم إنما جوزوا رؤيته تعالى، لأنه عندهم جسم وهو مقابل للرائي فلهذا قالوا بإمكان رؤيته، ولو كان تعالى مجردا عندهم لحكموا بامتناع رؤيته، فلهذا خالفت
الأشاعرة باقي العقلاء وخالفوا الضرورة أيضا، فإن الضرورة قاضية بأن ما ليس بجسم ولا حال في جسم ولا في جهة ولا مكان ولا حيز ولا يكون مقابلا ولا في حكم المقابل، فإنه لا يمكن رؤيته، ومن كابر في ذلك فقد أنكر الحكم الضروري، وكان في ارتكاب هذه المقالة سوفسطائيا، وخالفوا أيضا آيات الكتاب
العزيز الدالة على امتناع رؤيته تعالى، فإنه قال عز من قائل: لا تدركه الأبصار (7) تمدح (8) بذلك لأنه ذكره بين مدحين، فيكون مدحا، لقبح إدخال ما
____________________
(1) السهى: كوكب خفي في بنات النعش الكبرى، والناس يمتحنون به أبصارهم. ص (2) الدجى بضم الدال: الظلمة.
(3) الحائل: المتغير اللون.
(4) الشهب: جمع الشهاب، ما يرى كأنه كوكب انقض.
(5) الجندل: الصخر العظيم.
(6) الهزل. ضد الجد.
(7) الأنعام. الآية 103.
(8) تمدح أي قرظ على نفسه وأثنى عليه وهو مأخوذ من التمدح. (ج 8)