أمير المؤمنين علي عليه السلام (1) وأولاده عليهم السلام أخذ، وكان جميع العلماء يستندون إليه على ما يأتي، فكيف لا يجب تعظيم الإمامية والاعتراف بعلو منزلتهم، فإذا سمعوا شبهة في توحيد الله تعالى أو في عبث بعض أفعاله انقطعوا بالفكر فيها عن كل أشغالهم، فلا تسكن نفوسهم، ولا تطمئن قلوبهم، حتى يتحقق (خ ل يتحققوا) الجواب عنها، ومخالفهم إذا سمع دلالة قاطعة على أن الله تعالى لا يفعل الفواحش والقبائح ظل ليله ونهاره مغموما ومهموما طالبا لإقامة شبهة يجيب بها حذرا عن أن يصح عنده أن الله تعالى لا يفعل القبيح، فإذا ظفر بأدنى شبهة قنعت نفسه وعظم سروره بما دلت الشبهة عليه من أنه لا يفعل القبيح وأنواع الفواحش غير الله تعالى، فشتان ما بين الفريقين وبعدا بين المذهبين، ولنشرع الآن في تفصيل المسائل وكشف الحق فيها بعون الله تعالى ولطفه.
قال الناصب خفضه الله أقول: حاصل ما ذكر في هذا الفصل تحكيم الانصاف والرجوع إلى الوجدان والدليل في ترجيح مذهب الإمامية، وأن المصنف إذا ترك التقليد ونظر إلى المذهبين نظر الانصاف، علم أن مذهب الإمامية مرجح ومثل هذا في حال من أراد دخول الاسلام، وحاول أن يتبين عنده ترجيح مذهب من المذاهب، فلا شك أن معتقدات الإمامية أبين وأظهر عند العقول، وأقرب من سائر المذاهب إلى التلقي
____________________
(1) وكفى في ذلك ما ذكره ابن الجوزي مع شدة عداوته وبغضه لآل الرسول حيث قال: إن عليا له حق التعليم على كل المسلمين إلى يوم القيامة فإنه لولا خطبه ومنابره وكلماته لكان توحيدهم في منتهى النقص وأسوء من عقائد سائر الملل، فمن عبر عنه كرم الله وجهه بمعلم الاسلام لم يكن مخطئا هذا مضمون ما أفاده، والفضل ما شهدت به الأعداء.