وإذا عرفت هذا سهل عليك جواب كل ما أورده هذا الرجل في هذه المباحث من الاستبعادات والتشنيعات. وأما جواب الإمام الرازي: فهو واقع بإزاء الاستبعاد فإنهم يستبعدون أن الحديدة المحماة الخارجة من التنور يجوز عقلا أن لا تحرق شيئا، فذكر الإمام (1) وجه الجواز عقلا بخلق الله تعالى عقيب الخروج من التنور برودة في تلك الحديدة، فيكون جوابه صحيحا والله أعلم بالصواب، وأما قوله (إن المتنازع فيه أن الجسم الذي في غاية الحرارة يلمسه الإنسان الصحيح البنية السليم الحواس حال شدة حرارته ولا يحس بتلك الحرارة فإن أصحابه يجوزون ذلك) فنقول فيه: قد عرفت آنفا ما ذكرناه من معنى هذا التجويز، وأنه لا ينافي الاستحالة عادة، فهم لا يقولون: إن هذا ليس بمحال عادة ولكن لا يلزم منه محال عقلي (2) كاجتماع الوجود والعدم، فيجوز أن تتعلق به القدرة الشاملة الإلهية، وتمنع
____________________
(1) حاصل الكلام، أن جواب الإمام الرازي ليس في موقع تصحيح ما ذهب إليه الأشاعرة، من أنه يمكن بحسب الذات تحقق الأسباب الطبيعية مع انتفاء المسببات وإن كان ذلك محالا عادة، بل هو واقع بإزاء الاستبعاد، والله أعلم. من الفضل بن روزبهان.
(2) فإن قيل: لا يلزم من إنكار هذا إنكار الآية، لجواز أن تكون واقعة إبراهيم عليه السلام على طريقة أن الله تعالى سلب الحرارة من النار. قلت: الظاهر من لفظ على في قوله تعالى: بردا وسلاما على إبراهيم، أن النار مع اتصافها بالحرارة كانت لم تؤثر في إبراهيم، لا أنها صارت باردة وإلا كان الأنسب الاكتفاء بالبرد فقط، وهذا مما يعرفه الذوق الصحيح. من الفضل بن روزبهان.
(2) فإن قيل: لا يلزم من إنكار هذا إنكار الآية، لجواز أن تكون واقعة إبراهيم عليه السلام على طريقة أن الله تعالى سلب الحرارة من النار. قلت: الظاهر من لفظ على في قوله تعالى: بردا وسلاما على إبراهيم، أن النار مع اتصافها بالحرارة كانت لم تؤثر في إبراهيم، لا أنها صارت باردة وإلا كان الأنسب الاكتفاء بالبرد فقط، وهذا مما يعرفه الذوق الصحيح. من الفضل بن روزبهان.