الايجاب ممنوع " إنتهى ".
أقول: قد سبق منا ما أسقط منعه المردود الهالك، الذي قطع فيه من وادي الهذيان مسالك، فليطالع أوليائه هنالك.
قال المصنف رفع الله درجته التاسع الضرورة قاضية بالفرق بين من أحسن إلينا دائما، ومن أساء إلينا دائما، وحسن مدح الأول وذم الثاني، وقبح ذم الأول ومدح الثاني، ومن تشكك في ذلك فقد كابر بمقتضى عقله " إنتهى ".
قال الناصب خفضه الله أقول: هذا الحسن وهذا القبح مما لا نزاع فيه بأنهما عقليان، لأنهما يرجعان إلى الملائمة والمنافرة أو الكمال والنقص، على أنه قد يقال: جائز أن يكون هناك عرف عام هو مبدء لذلك الجزم المشترك، وبالجملة هو من إقامة الدليل في غير محل النزاع، والله تعالى أعلم. هذه جملة ما أورده من الدلائل على رأيه العاطل، وقد وفقنا الله تعالى لأجوبتها كما ترتضيه إن شاء الله تعالى أولوا الآراء الصائبة، ولنا في هذا المبحث تحقيق نريد أن نذكره في هذا المقام فنقول:
اتفقت كلمة الفريقين من الأشاعرة والمعتزلة، على أن من أفعال العباد ما يشتمل على المصالح والمفاسد، وما يشتمل على الصفات الكمالية والنقصانية، وهذا مما لا نزاع فيه، وبقي النزاع في أن الأفعال التي تقتضي الثواب أو العقاب هل في ذواتها جهة محسنة صارت تلك الجهة سببا للمدح والثواب، أو جهة مقبحة صارت سببا للذم والعقاب أو لا؟ فمن نفى وجود هاتين الجهتين في الفعل ماذا يريد من هذا النفي؟ إن أراد عدم هاتين الجهتين في ذوات الأفعال، فيرد عليه: أنك سلمت وجود الكمال والنقص والمصلحة والمفسدة في الأفعال، وهذا عين التسليم