قال المصنف رفع الله درجته وقالت الإمامية: قد أراد النبي صلى الله عليه وآله من الطاعات ما أراده الله تعالى، و كره من المعاصي ما كرهه الله تعالى، وقالت الأشاعرة: بل أراد النبي صلى الله عليه وآله كثيرا مما كرهه الله تعالى وكره كثيرا مما أراده الله تعالى " إنتهى " قال الناصب خفضه الله أقول: غرضه من هذا الكلام كما سيأتي أن الله تعال يريد كفر الكافر، والنبي صلى الله عليه وآله يريد إيمانه وطاعته، فوقعت المخالفة بين الإرادتين وإذا لم يكن أحد منهما مريدا لشيئ يكون كارها له، هكذا زعم، وقد علمت أن معنى الإرادة من الله هيهنا هو التقدير ومعنى الإرادة من النبي صلى الله عليه وسلم ميله إلى إيمانهم ورضاه به والرضاء والميل غير الإرادة بمعنى التقدير، فالله يريد كفر الكافر بمعنى أنه يقدر له في الأزل، هكذا، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يريد كفره، بمعنى أنه لا يرضى به ولا يستحسنه، فهذا جمع بين إرادة الله وعدم إرادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا محذور فيه، نعم لو رضى الله بشئ ولم يرض رسوله بذلك الشئ وسخطه كان ذلك محذورا وليس هذا مذهبا لأحد " إنتهى ".
أقول: قد مر مرارا أن إرادة التقدير من الإرادة مخالف لإجماع القوم، وليس إلا من مخترعاته التي لم يجد محيصا عن الاشكال إلا بها، وبينا أنه مع
____________________
(1) تعريض بأن المتأخرين منهم انتحلوا إلى الأشعري وليسوا منهم.