شرح إحقاق الحق - السيد المرعشي - ج ١ - الصفحة ٤٣٢
الحكم بأن المختار لا بد لفعله من غرض، والمانع كان النقص، فإذا ارتفع النقص بالوجوه السابقة بقي الحكم صحيحا مؤيدا بالنقل، والحق أن القول بتعليل الأفعال هو الحق الذي ليس للشبهة إلى ساحته مجال، والصواب الذي لا ترتع حوله خطأ واختلال، لكن الأشعري قد سبق على لسانه ذلك المحال لقلة شعوره، تور طه (1) في مخالفة أهل الاعتزال، وطمعه بذلك رفعة شأنه عند الجهال. ثم وسع أصحابه دائرة المقال بضم أضعافه (2) من الأغاليط والتيتال (3) ليوقعوا في الأوهام أن ما ذكره شيخهم كلام دقيق لا يفهم ولا يرام إلا بعد طي مراتب النقض والابرام، والذي يشهد على ذلك ما ذكره السيد معين الدين الإيجي الشافعي (4) في رسالة ألفها لتحقيق مسألة الكلام حيث ساق الكلام فيها من تشنيع شيخه الأشعري في تلك المسألة على ما ذكرناه سابقا إلى تشنيعه في هذه المسألة، فقال: إعلم أنه رضي الله عنه قد يرعوي (5) إلى عقيدة جديدة بمجرد اقتباس قياس لا أساس له، مع أنه مناف لصرائح القرآن وصحاح الأحاديث مثل أن أفعال الله تعالى غير معللة بغرض، ودليله (6) كما صرح به في كتبه أنه يلزم تأثر الرب عن شعوره
____________________
(1) تورط الرجل: وقع في الورطة أو في أمر مشكل وهلك.
(2) جمع الضعف بكسر الضاد المعجمة لا الضعف بالفتح والضعف بالضم، والكلمة من المثلثات.
(3) التيتال لفظ فارسي مولد يطلق على الكلام المشتمل على الخبط والفساد الكثير الذي لا يأتي به إلا الأحمق الذي لا شعور له كالأشعري ومن تبعه من معاشر الأشاعرة.
منه " قده ".
(4) قد مرت ترجمته سابقا فليراجع.
(5) أي رجع. والارعواء مطلق الرجوع، والكف عن الجهل.
(6) أقول: يمكن أن يجاب عن دليله هذا بمثل ما أجيب به عن الاستدلال على المقدمة القائلة ببطلان قيام الحادثان بذاته تعالى: بأنه يلزم تأثره تعالى من غيره حيث أجيب عنه في بعض حواشي التلويح في بحث المقدمات الأربع: بأنه إن أراد أنه تعالى لا يتأثر عن غيره أصلا فممنوع، وإن أراد أنه لا يتأثر عن غيره في الوجود فمسلم، لكن لا نسلم (لا يخفى خ ل) أنه يلزم هذا التأثر على تقدير قيام الحادث بذاته تعالى، وأيضا لو صح هذا الدليل لزم أن لا يتصف الواجب بالنسب المتجددة لأنها أيضا توجب التأثر والتغير في الذات (إنتهى) فتأمل فيه. منه " قده ".
(٤٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 437 ... » »»
الفهرست