محلا للحوادث وهو محال وكان الله قبل حدوثه ليس بقديم والكل معلوم البطلان وأما الحدوث فإن كان قديما لزم قدم الحادث الذي هو شرطه وكان الشئ موصوفا بنقيضه وإن كان حادثا تسلسل، والحق أن القدم والحدوث من الصفات الاعتبارية " إنتهى. " قال الناصب خفضه الله أقول: ليس كون القدم وصفا ثبوتيا مذهب الشيخ الأشعري وما اطلعت على قوله فيه وأما قوله لو كان القدم وصفا ثبوتيا فإما أن يكون قديما فيكون له قدم آخر ويتسلسل، فالجواب عنه: أنا لا نسلم لزوم التسلسل إذ قد يكون قدم القدم بنفسه (1) وأيضا جاز أن يكون قدم القدم أمرا اعتباريا فإن وجود فرد من أفراد الطبيعة لا يستلزم وجود جميعها " إنتهى. " أقول: يتوجه عليه أولا أن المصنف لم يقل: إن الشيخ الأشعري ذهب إلى ذلك بل قال: ذهب بعض
الأشاعرة إلى ذلك ولا يلزم أن يكون قول أصحابه قولا له، فإن زيادة الوجود قول لأصحابه
الأشاعرة، وليس قولا له (2) لأنه قائل بعينية الوجود في جميع الموجودات كما هو المشهور المقرر لدى الجمهور.
وثانيا أن ما ذكره في الجواب أولا مدخول بما حقق في الشرح الجديد للتجريد وحاشيته القديمة: من أن الصفة القائمة بشئ لا
يجوز أن يتصف بصفة هي عينها، نعم لو كانت قائمة بالذات جاز اتصافه بصفة هي عينها، كالواجب تعالى فإنه عين الوجود القائم
____________________
(1) فعليه فينقطع التسلسل، وكم له في الأشياء نظير، كما يقال أن دسومة كل شئ بالدهن ودسومة الدهن بنفسه، وملوحة كل شئ بالملح وملوحته بنفسه وقس عليه فعلل وتفعلل (2) وفي المباحث العلمية كثيرا ما تختلف أنظار التابعين مع متبوعهم، ومن راجع الكتاب في العلوم بأسرها صدق ما قلنا.