التكليف الثابت بالوضوء وعدمه.
وإن تأملت في كلام من جعلها من الموجبات أيضا تعرف أن مرادهم أيضا ذلك.
ومما يشهد بذلك: تعميم الاستدلال بهذه الأخبار في الأغسال المستحبة، مع أن الموجب هنا منحصر في غير المذكورات كما لا يخفى.
وبالجملة: لم يظهر من أدلة المشهور - سيما مع مقابلتها لأدلة القول الآخر - وجوب الوضوء لمس الميت مثلا.
أما الاستحاضة فالدليل على موجبيتها للوضوء ثابت من خارج كما سيجئ.
وأما الحيض فلا يكاد يتصور انفكاكه عن الأحداث الموجبة للوضوء، وكذلك النفاس غالبا.
فلعل مسامحة كثير منهم في جعلها موجبات إنما كانت بملاحظة أغلب الأحوال.
ويشهد بما ذكرنا كلام الشيخ في التهذيب، حيث قال في الاستدلال على المشهور: وأقوى ما يدل على ذلك أن الوضوء فريضة لا تجوز استباحة الصلاة من دونها إلا بدليل شرعي، وليس ههنا دليل شرعي في سقوط الطهارة بهذه الأغسال يقطع العذر، ولا يلزمنا مثل ذلك في غسل الجنابة، لأنا لم نقل ذلك إلا بدليل، وهو إجماع العصابة والأخبار الدالة على ذلك (1).
لا يقال: إن عموم الآية مع كون النفاس أو الحيض مثلا ناقضا ورافعا - وإن لم يسلم كونهما موجبين - يثبت وجوب الوضوء مطلقا.
لأنا نقول: مع التسليم، إن عموم الآية بحيث يشمل ما لو لم يحصل حدث أصغر ممنوع، لما مر في المبحث الثالث، وأوضحناه في المناهج.