قرية (قلعة بابو) من قرى جابلاق، وصار المتكفل بأموره الحاج محمد سلطان من أعيان جابلاق وأرباب الثروة والتدين، وأحب الميرزا وأعانه. وقرأ عليه هناك رجلان، أحدهما ميرزا هداية أخو الحاج محمد سلطان، والآخر علي دوستخان ابن الحاج طاهر خان، فقرءا عليه في النحو والمنطق، في شرح الجامي وحاشية ملا عبد الله، ولم يكن أهل تلك القرية يعرفون قدره، بل إنهم استخفوا به.
ويذكر أنه كان في تلك القرية شيخ قروي ثقل عليه وجود الميرزا القمي، فأراد الاستخفاف به، فجمع أهل القرية وطلبوا حضور الميرزا، فقال هذا الشيخ لأهل القرية اطلبوا من الميرزا أن يكتب حية، فكلموه في ذلك، فكتب الميرزا حية، ورسم ذلك الشيخ صورة حية، فأرى ذلك الشيخ أهل القرية الخطين وقال لهم: انظروا أيهما الحية، ما كتبت أنا أو ما كتب الميرزا؟ ولما كان أهل القرية أميين لا يعرفون الكتابة رجحوا ما رسمه الشيخ، فتأثر الميرزا من ذلك.
فانتقل بعدها إلى إصفهان وأخذ يدرس في مدرسة (كاسه كران) مدة من الزمان، فألحق به بعض علماء الدنيا أذى حسدا، لما رأى فيه من آثار الرشد.
فسافر إلى شيراز، وكان ذلك في أيام سلطنة كريم خان زند، فبقي هناك سنتين أو ثلاثا، وأعانه الشيخ عبد المحسن أو ابنه الشيخ مفيد بمبلغ سبعين تومانا أو مائتي تومان على اختلاف الحكايتين، فرجع إلى إصفهان، ولم يكن عنده كتب، فاشترى بعض كتب الاستدلال واللغة والحديث، ويقال إن الكتب يومئذ كانت تباع بالوزن، فلما استوت كفتا الميزان ومن أجل ترجيح كفة المبيع أضاف كتاب الروضة البهية إليها.
ثم رجع إلى قرية بابو، فاشتغل عليه بعض الطلاب في الفقه والأصول، ولكن لما كان البلد خاليا من العلماء والفضلاء والطلبة وأمر معاشه فيها ضيقا، واتفق أن استخف به بعض أهل القرية أشد من السابق لا نتعرض له، فبكى على أثر ذلك، ورفع يديه إلى السماء وقال: اللهم لا تقدر ذلي أكثر من ذلك.
فاتفق أن طلب منه أهل قم الإقامة في بلدهم، فأجابهم إلى ذلك، وتوطن قما،