كثير العناية به، وكان يعظمه أشد تعظيم، ويجله أكبر إجلال، وكان يكثر زيارته والكلام معه، حتى قيل: إنه في بعض المرات التي جاء فيها السلطان إلى قم، فاستقبله أهلها على بوابة المدينة، وجاء الميرزا القمي لاستقباله أيضا وهو راكب على حماره، والسلطان في موكبه وفي عربته الملوكية، فنزل منها ولم يدع الميرزا القمي ينزل من حماره، بل أخذ زمامه واقتاده إلى باب حرم المعصومة فاطمة بنت موسى بن جعفر (ع)، فلما سأله عن ذلك، أجابه بأنه إنما فعل ذلك لكي يعلم الناس قدر العلماء.
ولكن يبدو من جميع ما نقل أن الميرزا القمي كان يأخذ جانب الحذر والاحتياط في التعامل مع النظام والسلطان، وما زال يبتعد عنه، ويتخوف من الخوض في دنياهم.
وكان فيما قال له في بعض المرات: اعدل أيها السلطان ولا تظلم لأني أتخوف ومن جراء محبتي لك ومع الالتفات إلى قوله تعالى: * (ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) * أن أستحق عذاب النار وغضب الجبار فأجابه السلطان: بأنه مع الأخذ بنظر الاعتبار ما ورد في الروايات: " أن من أحب حجرا حشره الله معه يوم القيامة " فإني أرجو ومن جراء محبتي إياك أن أحشر معك.
وأمسك الميرزا يوما بلحية السلطان وهي طويلة تجوز محزمه وقال له: احذر أن تعمل ما يؤدي إلى أن تحرق لحيتك هذه يوم القيامة بنار جهنم.
ونقل أنهما دخلا معا يوما الحمام، فلما سلخا عنهما ثيابهما فقال له الميرزا: إنا سوف نقبر أنا وأنت على هذا الحال، فإني سأصحب علمي، وما الذي ستصحبه أنت معك، فتأثر السلطان وامتعظ.
وطلب السلطان يوما منه أن يزوج ابنه إحدى بنات السلطان، فلما انقضى المجلس تضرع الميرزا إلى الله تعالى، وطلب منه أنه إن كان لا بد من ذلك، وأن ابنه سيتزوج بنت السلطان، فليقبض روحه حتى لا يتحقق ذلك، وبعد اتمام الدعاء غرق ابن الميرزا