فيسمعون منه آيات القرآن ويحفظونها، ويتعلمون منه أحكام دينهم، وينقلونها إلى الآخرين.
يتلوه معهد كل واحد من الأئمة المعصومين عليهم السلام بنفس الطريقة، وهكذا استمر هذا النحو إلى زمان الغيبة. فأخذت المعاهد العلمية تتأطر في اجتماع مجاميع من العلماء والمتعلمين في بلد يتدارسون فيه الأحكام الشرعية، ويزاولون عملية الاستنباط، ويسمى بالحوزة العلمية.
من أوائل هذه الحوزات: هي حوزة قم المقدسة، وتليها حوزة بغداد، وحوزة النجف الأشرف، وحوزة الحلة، وحوزة جبل عامل، وحوزة كربلاء وغيرها من الحوزات العلمية.
نخص الكلام في حوزة قم المقدسة، وقبل بيان ما يتعلق بالحوزة العلمية نتعرض جملة إلى تاريخ مدينة قم وما يختص بها.
ذكر أهل المعاجم والتواريخ بلدة قم، وصنف الحسن بن محمد بن الحسن القمي كتابا سماه " تاريخ قم " تعرض فيه لتاريخها وما جرى عليها على مر العصور.
ذكرها اليعقوبي في كتاب البلدان، وقال: مدينة قم الكبرى، ويقال لها منيجان، وهي جليلة القدر، وإلى جانبها مدينة يقال لها كمندان، ولها واد يجري فيه الماء بين المدينتين، وأهلها الغالبون عليها من مذحج، ثم من الأشعريين، وبها عجم قدم، ومن الموالي يذكرون أنهم موال لعبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وذكر حصونها وأبوابها وأنهارها وقنواتها....
ذكرها ياقوت الحموي في معجم البلدان، وقال: هي مدينة إسلامية مستحدثة لا أثر للأعاجم فيها، وأول من مصرها طلحة بن الأحوص الأشعري، وهي حسنة طيبة، وأهلها كلهم شيعة إمامية، وكان بدء تمصيرها في أيام الحجاج بن يوسف سنة 83 هجرية، وذلك أن عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث بن قيس كان أمير سجستان من جهة الحجاج، ثم خرج عليه، وكان في عسكره سبعة عشر نفرا من علماء التابعين