من العراقيين، فلما انهزم ابن الأشعث ورجع إلى كابل منهزما كان في حملته إخوة يقال لهم عبد الله بن الأحوص، وعبد الرحمن وإسحاق ونعيم وغيرهم، وهم بنو سعد بن مالك بن عامر الأشعري، وقعوا إلى قم، وكان هناك سبع قرى، اسم إحداها كمندان، فنزل هؤلاء الإخوة على هذه القرى حتى افتتحوها، واستولوا عليها، واستوطنوها، واجتمع إليهم بنو عمهم، وصارت السبع قرى سبع محال بها.
كان متقدم هؤلاء الإخوة عبد الله بن سعد، وكان له ولد قد ربا بالكوفة، فانتقل منها إلى قم، وكان إماميا، فهو الذي نقل التشيع إلى أهلها، فلا يوجد فيها سني قط.
من ظريف ما يحكى: أنه ولي عليهم وال وكان سنيا متشددا، فبلغه عنهم أنهم لبغضهم الخلفاء لا يوجد فيهم من اسمه أبو بكر ولا عمر، فجمعهم يوما وقال لرؤسائهم: بلغني أنكم تبغضون الخلفاء، وأنكم لبغضكم إياهم لا تسمون أولادكم بأسمائهم، وأنا أقسم بالله العظيم لئن لم تجيئوني برجل منكم اسمه أبو بكر أو عمر، ويثبت عندي أنه اسمه، لأفعلن بكم، ولأصنعن.
استمهلوه ثلاثة أيام، وفتشوا مدينتهم واجتهدوا فلم يروا إلا رجلا صعلوكا حافيا عاريا أحول أقبح خلق الله منظرا اسمه أبو بكر، لأن أباه كان غريبا استوطنها فسماه بذلك، فجاؤوا به.
فشتمهم، وقال: جئتموني بأقبح خلق الله تتنادرون علي، وأمر بصفعهم، فقال له بعض ظرفائهم: أيها الأمير اصنع ما شئت، فإن هواء قم لا يجئ منه من اسمه أبو بكر أحسن صورة من هذا، فغلبه الضحك وعفا عنهم. ونقل غير ذلك في وجه نزولهم قم وعلة المقاتلة.
وعلى أي حال فإن لبلدة قم تاريخا عريقا، ومفاخر كبيرة، وخدمات جليلة في مجال العلم والفقه، فقد خرج منها علماء عظماء، ومحدثون كبار، قاموا بحفظ معالم الدين، وأسسوا مسيرته الفقهية وأحكموها.
وقد جاء في فضل قم وأهلها أخبار كثيرة، ففي بعضها: " إن الله احتج ببلدة قم