والندب أخرى فاشترط تخصيصه بأحدهما حيث يكون هو المطلوب ليحصل الامتثال، ولا يحصل ذلك إلا بالنية.
وفيه: أنه إن أريد وجوب تعينه وتميزه حيث يشترك معه (1) فعل آخر في الهيئة مع اختلافهما في الوجه - كالنافلة والفريضة - فهو كذلك كما أشرنا، مع أنه يحتمل المنع فيه أيضا على القول بالتداخل فيما أمكن ذلك، كغسل الجنابة والجمعة، وكالوضوء الواجب والمستحب.
وإن أريد أن امتثال الأمر الإيجابي لا يحصل إلا مع قصد الوجوب وإن لم تتعدد الأوامر، ولم يشتبه المكلف به بشئ آخر، كغسل الجمعة المتردد بين الوجوب والاستحباب، فإن المأمور به فيه متحد، وكذلك الأمر في نفس الأمر وإن اختلفت فيه الأوامر ظاهرا، ففيه: أن الأصل عدم الاعتبار، والامتثال يحصل بإيجاد فرد من ذلك الكلي المأمور به، وتصدق في العرف موافقة الأمر بمجرد فعله امتثالا، ولا مدخلية لقصد الوجوب في تحققه في الخارج عرفا (2).
وأما وجه الوجه، فالمراد به: اللطف الحاصل بالإيجاب في التكاليف العقلية، فإن امتثال السمعيات مقرب لاتباع العقليات، مثل نفس بعثة النبي صلى الله عليه وآله وغيرها، فإنها أيضا لطف، فالغرض (3) من الإيجاب اللطف، فاللطف وجه الإيجاب، أو شكر المنعم على قول بعضهم، فإنه وجه الإيجاب وغيره. وأما على مذهب الأشاعرة فلا وجه، ولا مرجح.
وصرح المتكلمون: بأن حسن الفعل واستحقاق فاعله الثواب يتوقف على فعله للوجه أو لوجهه. فإن كان مرادهم التقرب والامتثال اللازم لذلك كما هو الظاهر فهو، وإلا فلا وجه له.