لأنه هو الأقرب، هذا مع الجري على مقتضى هذه المضايقات البعيدة، وإلا فباب المجاز في الكلام أوسع من أن يتطرق إليه هذا الالزام، سيما مع ظهور الحكم من الأخبار بما عرفت من التحقيق، وإلى بعض ما أوردناه عليه أولا " تنبه أخيرا " فعدل إلى القول بالتحريم.
وأما ما ذكره في الوافي اعتراضا " على الشيخ في الإستبصار أنه لولا تفسير الحديث بما فسره لكانا متنافيين، وليس الأمر على ما ظن، لأن حديث الصفار ليس نصا " على المنع من الانفراد، لجواز أن يكون معناه أنه ليس عليهما إلا إنفاذ وصاياه على ما أمرهما، وإن لا يخالفا فيها أمره تفردا أو اجتمعا، أو يكون معناه أنه إن نص على الاجتماع وجب الاجتماع، وإن جوز الانفراد جاز الانفراد، وبالجملة إنما الواجب عليهما أن لا يخالفا، انتهى.
فلا يخفى ما فيه، ولولا أنه اعترف بعد هذا الكلام بما أشرنا إليه، فقال في تتمة الكلام المذكور: إلا أن ما ذكره صاحب الإستبصار هو الأحسن والأوفق والأصوب، انتهى، لأوضحنا ما فيه، وقد تلخص مما ذكرناه وجوب الاجتماع في صورة الاطلاق، كما هو الأشهر الأظهر، فشرط الاجتماع لو وقع حينئذ محمول على التأكيد، والمراد بوجوب اجتماعهما في الصورتين اتفاقهما، وأن لا يصدر شئ من الأمور الموصى بها إلا عن اتفاق منهما على كونه مصلحة، وإذا توقف على عقد وقع من أحدهما بإذن الآخر، أو أذنا لثالث.
وتمام تحقيق البحث في المقام يتوقف على بيان أمور: الأول: إذا تشاح الوصيان في صورة وجوب الاجتماع عليهما من الاطلاق، بناء على الأشهر الأظهر أو في صورة اشتراط الموصي بمعنى أنهما تمانعا، وأبي كل واحد على صاحبه ما يريده، فقد أطلق جمع منهم الشيخ في المبسوط عدم جواز تصرف أحدهما، والوجه فيه ظاهر، لأن الموصي لم يرض برأي أحدهما منفردا " فيكون تصرفه حينئذ تصرفا " بغير إذن، كتصرف الأجنبي.