غيره، على أن ما ذكره من العليل بقوله لا نظر للموكل في توكيل من ليس بأمين لا يخرج عن المصادرة، لأن هذا عين المدعى كما هو الظاهر.
وبالجملة فإنه لا يظهر لي وجه صحة لما ذكره، ولعله لسوء فهمي القاصر وضعف بصيرتي الحاسر، وبذلك يظهر أن ما أطال به المحقق الأردبيلي هنا الكلام بعد نقل العبارة المذكورة من أن المراد بالأمانة العدالة بالمعنى المشهور بين الأصحاب أو مجرد اطمينان النفس به في عدم الخيانة لا أعرف له وجها " لأن هذا البحث فرع صحة هذا الشرط، وقد عرفت ما فيه وأن لا وجه له، ولا دليل عليه إلا أن يقال بذلك في الوكيل: ولا قائل بذلك بل القول إنما هو بخلافه كما عرفت، والله سبحانه العالم.
الثالثة: لا يجوز للموكل أن يوكل فيما لا يجوز له مباشرته كما تقدم في صدر هذا المطلب ومن فروع ذلك أنه لا يجوز للمسلم أن يوكل ذميا " في شراء خمر أو خنزير، لأنه لا يجوز شراءه، وإن جاز ذلك للذمي، ومنها أنه لا يجوز للمحرم أن يوكل في عقد النكاح ولا ابتياع الصيد، ولا يجوز له أيضا " أن يتوكل فيما ليس للمحرم فعليه كابتياع الصيد وامساكه وعقد النكاح، هذا الحكم قد ذكره الأصحاب في أحكام الموكل فعبروا بالعبارة الأولى ونحوها، وفي أحكام الوكيل فعبروا بالعبارة الثانية ونحوها، والوجه في ذلك ظاهر، فإنه كما يشترط في الموكل أن لا يوكل إلا فيما يجوز له مباشرته، كذلك يشترط في الوكيل أن لا يكون وكيلا " إلا فيما يكون قادرا " على الاتيان به بنفسه، وحينئذ فكما لا يجوز للمحرم أن يوكل في العقد فكذلك لا يجوز له أن يتوكل فيه، وقد تقدم الكلام في ذلك في الحج، إذا عرفت ذلك فاعلم أنه لا اشكال في تحريم ايقاع العقد فيهما في حال الاحرام، وكذا التوكيل فيه.
وإنما الكلام فيما لو وقع التوكيل في حال الاحرام لايقاع العقد بعد الاحلال، فإن ظاهر اطلاقهم هنا هو البطلان، مع أن الذي صرح به جملة منهم