هل يختلف ابن أبي ليلى وابن شبرمة؟ فقلت: بلغني أنه مات مولى لعيسى بن موسى وترك عليه دينا كثيرا وترك مماليك يحيط دينه بأثمانهم فأعتقهم عند الموت فسألهما عيسى بن موسى عن ذلك، فقال ابن شبرمة: أرى أن يستسعيهم في قيمتهم، فتدفعها إلى الغرماء، فإنه قد أعتقهم عند موته، وقال ابن أبي ليلى:
أرى أن أبيعهم وأدفع أثمانهم إلى الغرماء، فإنه ليس له أن يعتقهم عند موته، وعليه دين يحيط بهم، وهذا أهل الحجاز اليوم يعتق الرجل عبده وعليه دين كثير، فلا يجيزون عتقه إذا كان عليه دين كثير، فرفع ابن شبرمة يده إلى السماء فقال: سبحان الله يا ابن أبي ليلى متى قلت هذا القول؟ والله ما قلته إلا طلب خلافي، فقال أبو عبد الله عليه السلام: فعن رأي أيهما صدر الرجل؟ قال: قلت: بلغني أنه أخذ برأي ابن أبي ليلى، وكان له هوى في ذلك، فباعهم وقضى دينه، قال:
فمع أيهما من قبلكم، قلت له: مع ابن شبرمة، وقد رجع ابن أبي ليلى إلى رأي ابن شبرمة بعد ذلك، أما والله إن الحق لفي الذي قال ابن أبي ليلى وإن كان قد رجع عنه، قلت: هذا ينكسر عندهم في القياس فقال: هات قايسني فقلت: أنا أقايسك؟ فقال: لتقولن بأشد ما يدخل فيه من القياس، فقلت له:
رجل ترك عبدا لم يترك مالا غيره، وقيمة العبد ستمائة درهم، ودينه خمسمائة درهم فأعتقه عند الموت، كيف يصنع؟ قال: يباع العبد ويأخذ الغرماء خمسمائة درهم، ويأخذ الورثة مائة درهم، فقلت: أليس قد بقي من قيمته العبد مائة درهم عن دينه؟ فقال: بلى، فقلت: أليس للرجل ثلثه يصنع به ما شاء، قال: بلى، قلت: أليس قد أوصى للعبد بالثلث من المائة حين أعتقه، فقال: إن العبد لا وصية له، إنما ماله لمواليه، فقلت له: فإذا كان قيمة العبد ستمائة درهم، ودينه أربعمائة، قال: كذلك يباع العبد، فيأخذ الغرماء أربعمائة درهم، ويأخذ الورثة مائتين، فلا يكون للعبد شئ قلت له: فإن قيمة العبد ستمائة درهم ودينه ثلاثمائة درهم فضحك وقال: من هاهنا أتى أصحابك فجعلوا الأشياء شيئا واحدا،