ينعتق منه شئ فهي غير صحيحة، وإن انعتق منه شئ فيصح بنسبة ما انعتق منه، وأنت قد عرفت أنه لا دليل للقول بالصحة مطلقا، إلا ما ذكره في المسالك من ذلك التعليل الاعتباري العليل، وأن القول الثاني هو مدلول الصحيحة المتقدمة كما عرفت المعتضدة بما ذكرناه من الأخبار الأخر، وما ذكره من لزم ابطال الوصية لا ضير فيه إذا اقتضته الأدلة الشرعية، على أن الابطال بالكلية إنما يتجه لو لم ينعتق منه شئ بالكلية، وإلا فإنه يكون العتق بالنسبة.
وبالجملة فقول الشيخ المفيد هو الموافق الأخبار الأخر، وما ذكره من أن كلام الشيخ المذكور مخالف لفتوى الأصحاب فلا ضير فيه إذا اعتضدته الأدلة الشرعية، خلا ما ذكره الأصحاب كما عرفت في الباب.
الخامسة: اختلف الأصحاب (رحمهم الله) في صحة وصية الانسان لمملوكه فقال الشيخ المفيد في المقنعة والشيخ في النهاية: إذا أوصى الانسان لعبده بثلث ماله ينظر في قيمة العبد قيمة عادلة، وإن كانت قيمته أقل من الثلث أعتق وأعطي الباقي، وإن كانت مثله أعتق وليس له شئ، ولا عليه شئ، وإن كانت القيمة أكثر من الثلث بقدر السدس أو الربع أو الثلث أعتق بمقدار ذلك، واستسعى في الباقي لورثته، وإن كانت قيمته على الضعف من ثلثه، كانت الوصية باطلة، وتبعهما ابن البراج في كتابي الكامل والمهذب.
وقال الشيخ في الخلاف إذا أوصى لعبد نفسه صحت الوصية، وقوم العبد وأعتق إذا كان ثمنه أقل من الثلث، وإن كان ثمنه أكثر من الثلث استسعى العبد فيما يفضل للورثة، وأطلق، وكذا قال أبو الصلاح.
وقال سلار: إن كانت أقل من الثلث عتق وأعطي ما فضل، وإن كانت أكثر بمقدار الربع والثلث من الثلث عتق بمقدار الثلث، واستسعى في الباقي.
وقال الشيخ علي بن الحسين بن بابويه: إذا أوصى لمملوكه بثلث ماله، قوم المملوك قيمة عادلة، فإن كانت أثر من الثلث استسعى في الفضل ثم أعتق وإن كانت قيمته أقل من الثلث أعطي ما فضلت قيمته عليه، ثم أعتق.