شرائط صحة التوكيل تملكه فعل ما وكل فيه، ولا شك أنه ليس بما لك له في تلك الأحوال.
وفيه أنه إن أريد بطلان الوكالة بطرق هذه الأمور واستمرارها بحيث لا تحصل له الإفاقة من الجنون ولا من الاغماء ولا دفع الحجر فهو جيد، وإن أريد البطلان ولو مع زوال تكل الأمور كما هو الظاهر من كلامهم، فإنه يمكن تطرق المناقشة إليه، بأنه من الجائز أن اشتراط تملك الموكل لما وكل فيه إنما هو باعتبار الابتداء، بمعنى أنه لا يجوز له التوكيل إلا فيما يملك التصرف فيه، كما تقدم ذكره، لا باعتبار الاستدامة، فلو حصلت الوكالة في حال كونه مالكا " للتصرف بحيث يصح وقوع ذلك الفعل منه، فالوكالة صحيحة اتفاقا، وبطلانها بمجرد عروض أحد هذه الأشياء يحتاج إلى دليل، ولا دليل على شرطية هذا الشرط في الاستدامة، ولانتقاض ذلك بالنائم مع الاتفاق على عدم البطلان بالنوم، ولعل دليلهم إنما هو الاجماع، إلا أنه لم يدعه أحد منهم فيما أعلم.
وبالجملة فإن أصالة صحة الوكالة ثابتة، والبطلان يحتاج إلى دليل، والدليل الذي أوردوه قاصر، كما عرفت.
والظاهر أن المراد بمن له حق الولاية هو الأب والجد والوصي والحاكم الشرعي، أما الأب والجد فظاهر، وأما الوصي إذا كان وصيا " على الأطفال فإن له ولاية، كولاية الأبوين، وكذلك الوصي في اخراج الحقوق إليه ذلك، فإن معنى وصيته إليه بذلك جعله كنفسه.
قال في التذكرة: للوصي أن يوكل، إن لم يفوض إليه الموصي، ذلك بالنصوصية، لأنه يتصرف بالولاية كالأب والجد، لكن لو منعه الموصي من التوكيل وجب أن يتولى بنفسه، وليس له أن يوكل حينئذ لقوله تعالى (1) " فمن بدله بعد ما سمعه " الآية ويجوز للحاكم أن يوكل عن السفهاء والمجانين