إن الله يحب المحسنين " يعني المقتصدين.
وفي رواية هشام ابن المثنى (1) عن أبي عبد الله عليه السلام الواردة في تفسير قوله تعالى " وآتوا حقه يوم حصاده ولا تسرفوا إن الله لا يحب المسرفين "، فقال: كان فلان بن فلان الأنصاري سماه وكان له حرث، فكان إذا أخذ يتصدق به يبقى هو وعياله بغير شئ، فجعل الله تعالى ذلك سرفا ".
وفي صحيحة الوليد بن صبيح (2) " قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فجاءه سائل فأعطاه ثم جاء آخر فأعطاه، ثم جاء آخر فقال يسع الله تعالى عليك ثم قال:
لو أن رجلا كان له مال يبلغ ثلاثين أو أربعين ألف درهم ثم شاء أن لا يبقى منها إلا وضعها في حق لفعل فيبقى لا مال له، فيكون من الثلاثة الذين يرد دعاؤهم قلت من هم؟ قال: أحدهم رجل كان له مال فأنفقه في غير وجهه، ثم قال: يا رب ارزقني فيقال له: " ألم أرزقك ".
ومن ذلك خبر الصوفية (3) المروي في الكافي إلي غير ذلك من الأخبار الصريحة في تحريم ذلك ومن المقرر أن صحة نذر شئ فرع مشروعيته، فلو لم يكن مشروعا " لم ينعقد نذره، ومنه يعلم أن الرواية المذكورة واردة على خلاف القواعد الشرعية، بل ربما يقال: أن دلالة هذه الرواية على ما يدعيه من بطلان النذر أقرب، لأنه لو كان النذر صحيحا " لأمره عليه السلام بالتصديق بأمواله حسبما نذره لأنه هو الواجب بالنذر، ولما جاز نقلها إلى الذمة بالقيمة ثم التصدق بها تدريجا " على وجه يندفع به الضرر الموجب لبطلان النذر لو لم يكن كذلك، ولهذا إن الأصحاب قصروا العمل بالرواية على موردها لمخالفتها لمقتضى القواعد الشرعية كما عرفت والله سبحانه العالم.