قال: لأنه مذهب أكثر العامة، وكيف كان فإن الخبرين المذكورين لما عرفت لا يبلغان قوة المعارضة للصحيحة السابقة، ولعلة لأجل ذلك جعلهما في المختلف مؤيدين، بعد أن علل البطلان بأن الوصية عقد يفتقر إلى الإيجاب والقبول، قال:
وقد بينا أن القبول المعتد به هو الذي يقع بعد الوفاة فصار الموت حينئذ فلا عبرة به، انتهى.
وفيه ما عرفت، وقيل هنا: قول ثالث بالتفصيل كما نقله في المسالك عن بعض الأصحاب، من أنه خص البطلان بما إذا مات الموصى له قبل الموصي عملا " بمدلول هاتين الروايتين، قال: فلو مات بعده لم تبطل، للأصل وعدم المعارض.
أقول: لا يخفى أن هذه الروايات المذكورة إنما تعارضت وتصادمت في موت الموصى له في حياة الموصي، فالصحيحة المتقدمة صريحة في الصحة والانتقال إلى الوارث، والروايتان الأخريان على ما عرفت، من الاجمال والاحتمال، وإن ادعى منهما الدلالة على البطلان.
وكيف كان فإن حكم موت الموصى له بعد موت الموصي غير معلوم من هذه الأخبار، وحينئذ فيمكن أن يقال: إن مع موت الموصى له في حياة الموصي فالحكم الصحة، عملا " بالصحيحة المذكورة، وأما بعد وفاته فالوجه في الحكم بالصحة أيضا " هو ما ذكره هذا القائل بالتفصيل من أن الأصل الصحة، ولا معارض هنا لها، ويؤيده أيضا " ما قدمناه في صدر المسألة الرابعة (1) من صحيحة العباس بن عامر الدالة على موت الموصى له قبل قبض الوصية فأمر عليه السلام الوصي أن يطلب له وارثا " ليدفع إليه الوصية وظاهر سياقها أن موته بعد موت الموصي كما هو محل البحث.
ورواية محمد بن عمر الساباطي (2) " قال: سألت أبا جعفر عليه السلام يعني الثاني عن رجل أوصى إلي وأمرني أن أعطي عما له في كل سنة شيئا "، فمات العم؟
فكتب عليه السلام أعط ورثته ".