السيد السند في شرح النافع وغيره أن محمد بن قيس هنا هو الثقة البجلي، بقرينة عاصم بن حميد الراوي عنه، كما صرح به الشيخ في الفهرست، وحيثما يوجد هذا السند فإنهم ينظمونه في سلك الصحيح، وهذه المناقشة قد تكررت من شيخنا المذكور في المسالك في غير موضع، وهو غفلة محضة.
وبالجملة فالخبر صحيح صريح في المدعى، ثم إن أصحاب هذا القول عللوه أيضا " زيادة على الخبر المذكور بناء " على قواعدهم من التعليل بالعلل العقلية بأن القبول كان حقا " للمورث فيثبت لوارثه بعد موته، كباقي الحقوق الموروثة من الخيار والشفعة وغيرهما، واعترضه في المسالك قال: وأما الاستدلال بكون القبول حقا " للمورث، ففيه منع كلية الكبرى المدعية، أن كل حق يورث إن سلم أن القبول حق، فإن حق القبول لا يورث في سائر العقود اجماعا "، كما لو باع أو وهب فمات المشتري أو الموهوب قبل القبول، فقبل الوارث، وإن كان على الفور، فإنه لا يعتد به قطعا "، فكذا هنا، انتهى.
أقول قد عرفت مما قدمناه آنفا " أنه لا دليل على اعتبار هذا القبول الذي يدعونه، ولا على كون الوصية عقدا " يتوقف على الإيجاب والقبول، كما هو المشهور بينهم، بل ربما دل ظاهر الصحيحة المذكورة هنا مضافا " إلى ما سلف من الأخبار على أنه بمجرد الوصية قد حصل الانتقال إلى الموصى له، وثبت له الحق، وإن كان متزلزلا " مراعى بوفاة الموصي، إذ لا وجه للانتقال إلى الوارث قبلا موت الموصي، إلا بالتقريب الذي ذكرناه، وحينئذ فالمورث إنما هو الوصية، لا القبول الذي ادعوه كما في عنوان المسألة، فجعلوا محل الخلاف في أنه هل يورث القبول لو مات الموصى له قبل القبول أم لا؟ وصحيحة محمد بن قيس المذكورة ظاهرة فيما قلناه، حيث قال عليه السلام في الجواب " الوصية لوارث الذي أوصى له " أي أنه لما أوصى إلى ذلك الرجل فمات الموصى له فهي لوارثه، إن لم يرجع الموصي فيها، فالموروث هو الوصية، لا القبول إذ لا دليل، بل لا اشعار في شئ من الأخبار به بالكلية، والحمل على تقدير مضاف